خطيئة عطوان لا تغتفر كتب عمر حلمي الغول

مجددا أؤكد على الحق الديمقراطي لكل إنسان في حرية التعبير عن الرأي بغض النظر إن توافق مع منظمة التحرير وسلطتها الوطنية، أو تناقض معها. طالما يملك رؤية وموقف من هذا الشخص او تلك المؤسسة، أو ذلك الفصيل، واي كان الموقف، إن أعجب الرأي الآخر أم لم يعجبه، فحقه الطبيعي والمشروع في الإدلاء بوجهة نظره. وهذا ابسط حقوق الإنسان، ويستقيم مع القوانين ومبادىء حقوق الإنسان العالمي. ولا يملك كائنا من كان حرمانه من حرية التعبير، وإتخاذ الموقف، الذي يتبناه، وينسجم مع قناعاته وخلفيته الفكرية والعقائدية.
لكن ليس من حق أي إنسان تزوير وتشويه مواقف الآخرين، وتقويلهم ما لم يقولوه، وإسقاط الرغبات والنزعات الصبيانية على مواقف الآخرين خدمة لإجندات متهافتة وساقطة ومفضوحة. وتكون المصيبة اشد بلاءً ولعنة عندما يقوم بعض أصحاب الرأي بتلفيق ووضع الكلام على لسان المفكرين اصحاب المواقف الرزينة والمسؤولة، مستغلون تعاطي هذا المفكر مع منبر ما ليزجوا بمواقف لا تمت بصلة له لا من قريب أو بعيد.
السيد عبد الباري عطوان، الإعلامي الفلسطيني، صاحب ورئيس تحرير الصحيفة الأليكترونية “رأي اليوم” وقع في خطيئة كبيرة لا تغتفر عندما قام في الثاني من تموز / يوليو الحالي (2020) بنشر ما اسماه “مقابلة” مع المفكر الأميركي، نعوم تشومسكي نقلا عن موقع ) Democracy Now) بعنوان السلطة الفلسطينية تعتمد ” إستدعاء الرعب” و “إستراتيجية الإلهاء”، والتي جاء فيها، أن السلطة تخاطب شعبها، وتتعامل معه، كأنهم أطفال لتمرير مشروع الضم الإسرائيلي؟! وهذا إفتراء وقلب للحقائق الوطنية جملة وتفصيلا. والشخص الذي نشر عنه عطوان، هو الفلسطيني الإعلامي، زهير أندرواس، الذي إدعى، انه نقلها عن الموقع ذاته؟! فتبين ان لا اساس للمقابلة مع تشومسكي، ولم يرد في آخر مقابلة له مع الموقع المذكور في 25 ايار / مايو 2020 الماضي اي ذكر للسلطة الوطنية ولا للقضية الفلسطينية ولا لحماس بإستثناء حديثه عن الأوضاع الإنسانية والمعيشية الصعبة في قطاع غزة.
وسأفترض ان السيد اندرواس وصلته مقابلة مع شخص مهم، ألم يكن من الأجدر به، وهو يملك مع قرينه وصديقه عبد الباري لغة إنكليزية جيدة، العودة لرابط المقابلة للتأكد منها، والتدقيق فيها؟ لكن بدا واضحا ان كليهما (مع الفارق أن اندرواس إعتذر عما إرتكبه من تزوير) لم يسقط في متاهة التزوير والتقويل جهلا، ولا عن عدم معرفة، أو بالصدفة، انما عن سابق إصرار وتصميم على ترويج بضاعة فاسدة باسم عالم أميركي محترم، وصاحب مواقف شجاعة وقديرة ونبيلة، إعتقادا منهما، أن ما يسمى بالمقابلة المفبركة ستمر في زحمة الأحداث. لا سيما أن فوضى مواقع التواصل الإجتماعي كفيلة بتعميم الفساد والتشويه المتعمد لشخص الرئيس محمود عباس، وللمنظمة وسلطتها الوطنية، ولخدمة أجندة القوى المعادية للقضية والمشروع الوطني.
لكن سوء طالع اندراوس وعطوان ان بعض النابهين، الذين اثارتهم اللغة المستخدمة باسم تشومسكي، وتفاجأوا بها، ذهبوا إلى الرابط ونبشوه نبشا لعلهم يجدوا شيئا من المقابلة الخطيئة، فلم يجدوا شيئا منها. ومباشرة قاموا بنشر الحقيقة، وفضحوا مرامي عبد الباري وزهير البائسة، وكشفوا عوراتهما. وتأكد للقاصي والداني ان ما قاما به الإعلاميين الفلسطينيين كان إمتهانا للمهنية، وجريمة بحق نفسيهما، وتطاول على حرية الرأي والتعبير بهدف الإساءة والتشهير والقدح والذم للسلطة والمنظمة والقيادة، وجميعها اسباب وجهية لملاحقة الرجلين المزورين للحقائق امام كل المحاكم الفلسطينية والعربية والعالمية عموما والأميركية خصوصا. كما من حق تشومسكي ملاحقتهما امام المنابر القضائية المختلفة، لإنهما قولاه ما لم يقله، وأسأوا لشخصه ومكانته.
وعلى فرض ان لعبد الباري وزهير مواقف من السلطة والمنظمة والقيادة، ويرفضون المنهجية السياسية المتعبة، ليس من حقهما تقويل تشومسكي أو اي مفكر أميركي او أوروبي أو روسي او صيني او عربي، لخدمة أغراض وأجندات مشبوهة، لماذا؟ ولمصلحة من؟ وما هي الفائدة المرجوة، هل منعكم احد من الكتابة بالطريقة والإسلوب والخلفيات، التي تريدانها؟ هل اخطأ احد بحقكما؟ كل الإسئلة لن تفيد بشيء، أطلقتم الطلقة الفارغة والرخيصة، ووقعتما على رؤسكما، لإنه لا يجوز تمرير ما نشرتموه مرور الكرام، انما يفترض بالسلطة الوطنية الفلسطينية ملاحقتكما قضائيا حتى تتعضوا من الدرس الفضيحة والخطيئة.
oalghoul@gmail.com
a.a.alrhman@gmail.com

عن admin

شاهد أيضاً

صبرا وشاتيلا شاهدة على جرائم الاحتلال بقلم : سري القدوة

صبرا وشاتيلا شاهدة على جرائم الاحتلال بقلم : سري القدوة الشعب العربي الفلسطيني والعالم اجمع …

اترك تعليقاً