التعليم الإلكتروني بين الواقع والمأمول …. !

التعليم الإلكتروني بين الواقع والمأمول …. !

بقلم الدكتور : ماجد محمد أبو سلامة.

الأحد 2020/9/27 شبكة فلسطين المستقبل.
ترتقي المجتمعات البشرية بمستواها الحضاري والعلمي والمعرفي الذي يقاس من خلال مدى تعلم الأجيال للحقائق والمعارف والمفاهيم وثقافة النشأة, حتى نصل إلى هذا المستوى المتقدم من الارتقاء والازدهار, لابد للحكومات والدول من وضع مجموعة من الخطط الاستراتيجية المتطورة, التي تلبي تطلعات وحاجات الأفراد في تلك الدول التي تحاكي التقدم العلمي والتكنولوجي الذي فرض نفسه على عصرنا, عصر التطور المعرفي أو القرن الحادي والعشرين, على جميع المجالات التربوية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية, ليصبح العالم, كقرية صغيرة متواصلة الأركان والأرجاء من خلال مواقع التواصل الاجتماعي الذي بات يشكل في الواقع جزءاً لا يتجزأ من التعليم الالكتروني, حيث يهدف إلى تبادل المعلومات والبيانات بين الأفراد, بعضهم ببعض والتواصل بين المؤسسات والدول والوزارات والجامعات والمدارس على المستوى العلمي والتربوي, وتناقل الأخبار السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
فالتعليم الإلكتروني هو نوع من استراتيجيات التعليم التفاعلي الحديث القائم على العلاقة بين المعلم والمتعلم, بهدف شرح وتعليم المحتوى التعليمي بطريقة حديثة, تعتمد على السرعة واختيار المكان والزمان المناسبين, حيث يتميز بالتشويق والتعزيز وتنمية قدرات ومهارات المتعلم بطريقة متزامنة وغير متزامنة (التعلم عن بعد )باستخدام المصادر المتعددة كالإنترنت والتقنيات الحديثة كالإذاعة والتلفاز والبريد الإلكتروني وأجهزة الحاسوب.
وإذا ما نظرنا إلى أهم ما يميز التعليم الإلكتروني نجده يعطي الفرصة للطلبة في التعلم الذاتي والقدرة على حل المشكلات واتخاذ القرارات بأسرع الطرق للوصول إلى حلول نموذجية للمشكلات التعليمية والمسائل المعقدة التي تواجه حياة الطالب العلمية والاجتماعية, كما أنه يعزز لدى الطالب أو المستخدم روح المنافسة مع الأقران والزملاء داخل المؤسسة التعليمية لا سيما تبادل الخبرات وتعليم استراتيجيات جديدة وبرامج الكترونية حديثة تساعد الطالب على امتلاك مهارات جديدة للارتقاء بمستواه العلمي والتحصيلي .
وبالرغم من اهتمام العالم بالتعليم الالكتروني وسرعة انتشاره لا سيما ظهور جائحة كورونا عالميا, التي باتت تجتاح العالم بأسره مهددة كل مرافقه الحيوية العامة والخاصة، فلا بد من التأكيد على استمرار الحياة التعليمية والصناعية, والتجارية باستخدام التكنولوجيا في ظل الأزمة التي تواجهنا، علماً بأن هذا الاستخدام الكبير للتعليم الالكتروني الهام, لا يخلو من السلبيات التي تؤدي بالإنسان إلى العزلة الاجتماعية والبعد عن التواصل الاجتماعي بين الأصدقاء, والأقارب فضلاً عن الجلوس أمام الجهاز فترة طويلة, مما يؤثر على الرؤية البصرية, وآلام في الظهر نتيجة الجلوس المتكرر والطويل.
فإذا ما نظرنا إلى مدى نجاح مستقبل التعليم الالكتروني في فلسطين, فتواجهه تحديات كبيرة وخاصّة في غزة المحاصرة, التي تعاني من انقطاع التيار الكهربائي لفترات كبيرة و دون تحديد وقت زمني لها، كذلك تدني المستوى الاقتصادي للأسرة الفلسطينية الكبيرة والفقيرة, مما يجعل التعليم الالكتروني عبء على كاهل ولي الأمر, حيث إنّه مطالب بتوفير أجهزة حاسوب أو جوّالات لأبنائه في المدارس لاستمرار العملية التعليمية, فضلاً عن ذلك ضعف قوة إشارة الإنترنت, في الجامعات والمدارس والبيوت، وعدم توفر مختبرات حاسوب في بعض المدارس مما يعيق عملية التعليم الالكتروني، وكذلك ندرة امتلاك المهارات الإلكترونية من قبل طلابنا في المدارس, وعدم تأهيل المعلمين مهارياً, وقلّة تدريبهم على البرامج الإلكترونية المختلفة والمناسبة.
وتأكيداً على ما سبق من تحديات التعليم الالكتروني في فلسطين فقد أشار جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني لعام 2018م, أن 37% من العائلات الفلسطينية لديها جهاز حاسوب بواقع 41% في الضفة الغربية و 30% في قطاع غزة، كما أظهرت نتائج بيانات مسح الظروف الاجتماعية والاقتصادية أن حوالي 361 ألف مشترك فلسطيني في خدمة الانترنت, حتى نهاية عام 2018م, ونأمل في الازدياد ونشر ثقافة العليم الالكتروني بين فئات المجتمع, علماً بأنّه لا يغني عن التعليم الوجاهي الذي أثبت فاعليته وجدارته في توصيل المعارف والحقائق والمفاهيم والمبادئ بطريقة اكثر نجاعة, وهذا ما أثبتته الدراسات العلمية العالمية في الوقت الحاضر وخاصة في فترة انتشار جائحة كورونا.
بقلم الدكتور ماجد محمد أبو سلامة.

عن abdullah

شاهد أيضاً

أمريكا وإدماج ” إسرائيل “…. قوة للسعودية …. ام إستهداف لها ولفلسطين ؟

أمريكا وإدماج ” إسرائيل “…. قوة للسعودية …. ام إستهداف لها ولفلسطين ؟ بقلم / …