هل سيصلح بايدن ما أفسده ترامب حال فوزه ؟؟

شبكة فلسطين المستقبل الإخبارية

الكاتب| عبدالله نمر أبو الكاس

أيام معدودة تفصلنا عن الإنتخابات الرئاسية الأمريكية ، هذه الإنتخابات التي تتجه صوبها أنظار العالم وينتظر نتائجها بفارغ الصبر لما لنتائجها من أهمية والتي من شأنها إمكانية إحداث تحول وتغيير في السياسات الداخلية والخارجية الأمريكية المتبعة اليوم من قبل إدارة الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب , لما لهذه السياسات من إنعكاسات سلبية على العلاقات الخارجية للولايات المتحدة , وأضرارها على بعض الدول بشكل عام وقضيتنا الفلسطينية وصراعنا مع المحتل على وجه الخصوص .

فمنذ تولي الجمهوري دونالد ترامب سدة الحكم في أمريكا في 20 يناير 2017 لم يرى فيه بعض المتابعين والمحللين وحتى بعض الأمريكيين منهم بأنه رئيس دولة عظمى , وإنما كانوا أمام شخصية مهرج مخبول ومقامر لا يفقه في السياسة ولا أصول العمل الدبلوماسي , وأطلق البعض على إدارته وصف أفشل إدارة رئاسية في تاريخ البلاد وأطلق البعض الرئاسة الإمبراطورية لما يتمتع بسلطة مطلقة ونفوذ , حيث ألغى إتفاقيات وإنسحب وهاجم منظمات دولية ، وأقال وطرد وسجن من إدارته الكثيرون , وأعلن الحرب على المسلمين ومنع دخول البعض منهم للولايات المتحدة , وشن حرب تجارية ضد الصين وعمل على تأزيم العلاقات الإقتصادية وفرض ضرائب باهضة على الواردات الصينية , وفعل ويفعل ما يحلو له بمنطق الغرور والقوة والغباء السياسي والدبلوماسي , وينفذ ويأمر كما يشاء ويفرض سطوته على العالم بأكمل ومن بينهم الأمة العربية والإسلامية ,, وفي الصراع مع المحتل الإسرائيلي نصب نفسه أيضاً خادماً ووكيلاً لكيان الإحتلال , ولا يأبه بأي إتقاقيات موقعة ولا مرجعيات دولية لإنهاء الصراع , ويضرب بعرض الحائط كل القرارات الصادرة عن مجلس الامن والجمعية العامة للأمم المتحدة والمتعلقة بقضيتنا الفلسطينية ويتنكر لمبدأ حل الدولتين , وفرض رؤيته للحل بشكل أحادي عبر ما يسمى بصفقة القرن التي فرضها بالبلطجة والغطرسة الأمريكية ورغماً عن أنف المجتمع الدولي والخنوع العربي .

إعتقد البعض واهماً بأن الولايات المتحدة الأمريكية واحة للديمقراطية ، وتكرس مفهومها ، وتحترم القانون الدولي ، وتقف مسافة واحدة مع كل الدول ، وتعمل بحيادية في سياستها الخارجية ، وأن من يحكمها مؤسسة وإدارة ، وليس شخص ديكتاتوري كما نشاهد اليوم من شخص ترامب ، الذي يعمل لحساب الصهيونية المسيحية أولا , فترامب كشف عورة هذه الإدارة التي أظهرت انحيازاً فاضحاً ووقحاً لكيان الإحتلال وكان تدخلها تدخلاً سافراً في أغلب دول العالم ومنها دولة فلسطين حيث كان جل اهتمام ترامب وإدارته خدمة هذه الصهيونية المسيحية من أجل تحقيق مكاسب إنتخابية في الولاية الثانية له في الثالث من نوفمبر القادم 2020 .

الشعب الأمريكي يعي تماماً ويدرك بأن فترة ترامب من أسوأ الفترات التي مرت بها الولايات المتحدة الأمريكية لكثرة الإخفاقات والسقطات التي تسبب بها , وفشله في إدارة الشأن الداخلي والعلاقات الخارجية للولايات المتحدة واتباعه إسلوب القرصنة والبلطجة مع الدول العربية والتعامل مع أغلب القضايا السياسية الخارجية كصفقات تجارية وعقارية وفشله الذريع في معالجة بعض الملفات الدولية منها الملف الصيني , والكوري , والإيراني , والسوري والفلسطيني , وتسببه في الفوضى الداخلية وخلق حالة من الإرباك في بعض القضايا الداخلية كأزمة كورونا والفساد وتزوير الإنتخابات وفضائحه الجنسية ، والتهرب الضريبي وتعامله بسياسة التفرقة العنصرية كما حدث في قضية مقتل الأمريكي من الأصول الأفريقية جورج فلويد في مايو الماضي ,, فالشعب الأمريكي وحده من يستطيع أن يعيد التوازن للعلاقات السياسية الداخلية والخارجية وهو القادر أن يضع حداً لهذه المهاترات والإخفاقات في الانتخابات المقبلة ويحاسبه في صندوق الإنتخابات , أو سيظل سجل هذا المهرج يزيد في الإخفاقات والفشل .

الإنتخابات الأمريكية المرتقبة ستضعنا على مفترق طرق هام وإن كانت مواقف الإدارات الأمريكية السابقة تجاه القضية الفلسطينية سلبية , ولم تكن يوماً هذه الإدارات منصفة في حل الصراع مع المحتل بسبب إذعانها للوبي اليهودي المتحكم في صناعة وتوجيه السياسة الخارجية الأمريكية خدمة للاحتلال ، خاصة في المنطقة العربية ، وتأثر تلك الإدارات بمنظمة الإيباك , فلا يمكن لنا أن نعول كثيراً على نتائج أي إنتخابات خاصة وأننا شاهدنا ما قام به ترامب وإدارته من إنحياز لكيان الإحتلال على حساب حقوقنا المشروعة ونفذ الجزء الأكبر من صفقة القرن ومخططات الضم ونقل سفارة بلاده للقدس وأعلن أن القدس عاصمة لدولة الإحتلال وأغلق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية , وأوقف الدعم المالي والمساعدات للسلطة الوطنية ولوكالة الغوث ، ولم يعترف بدولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967 .

ففوز ترامب بولاية جديدة سيزيد من صلفه وإنحيازه لكيان الإحتلال وستهرول المزيد من الدول العربية نحو التطبيع المجاني والتي كان أخرها دولة السودان ، هذا التطبيع الذي بدأت فيه بعض الدول العربية قبل الإنتخابات الأمريكية المرتقبة لرفع أسهم ترامب الإنتخابية وتحقيق المكاسب لصالح نتنياهو في عهد ترامب ليحظى برضى اللوبي الصهيوني .

وعلى صعيد قضيتنا الفلسطينية ما بين المرشحين بايدن وترامب ومن يمكن أن نعول عليه أكثر لصالحنا في المرحلة القادمة فترامب أظهر ولائه الأعمى لكيان الإحتلال في الفترة الأولى من حكمه وسيظل على ذات النهج طوال الأربع سنوات المقبلة , وسيكمل ما بدأه من مشروع صفقة القرن وسنشهد المزيد من هرولة الدول العربية المنبطحة نحو التطبيع المجاني , وهذا يتطلب منا كفلسطينين في حال فوزه أن نعيد قراءة المشهد من جديد وترتيب أوراقنا الداخلية والإستعداد لمعركة طويلة بجبهة فلسطينية موحدة .

وعلى صعيد نقيضه المرشح الأخر الديمقراطي جو بايدن والتي تظهر أغلب استطلاعات الرأي عن تقدمه على منافسه في بعض الولايات ، وتفوقه في المناظرات الإنتخابية والتي أعلن خلالها بأنه سيعيد التوزان في السياسة الخارجية لأمريكا بشكل عام وسيرمم الأضرار الناجمة عن سياسة ترامب ، وبخصوص الشأن الفلسطيني فأنه يؤمن بحل الصراع مع كيان الإحتلال وفق المرجعيات الدولية والقرارات الأممية ويدعم الحل على أساس الدولتين ويعارض أي ضم إسرائيلي لأراضي الضفة الغربية المحتلة ، وقد أكد مستشارو بايدن إنه لن يعيد السفارة الأميركية إلى تل أبيب، وسيبقيها بالقدس، ولكن من المرجح أنه سيعيد فتح قنصلية أميركية في القدس الشرقية تعمل كبعثة أميركية لدى الفلسطينيين، ويسمح بإعادة فتح مكتب بعثة منظمة التحرير الفلسطينية بواشنطن ، وإعادة المساعدات الأميركية المالية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا، ودعم برامج وكالة التنمية الأميركية في الضفة الغربية وقطاع غزة ، ودعم السلطة الفلسطينية ماليا.

فعلى ضوء هذه الإنتخابات يبقى الباب مشرعاً لتساؤلات عدة أهمها في حال فوز بايدن في الإنتخابات هل سيسلم ترامب بنتائجها ، ويغادر البيت الأبيض ، أم سيزعم بأن الإنتخابات مزورة كما يروج مسبقا وسيرفض النتائج ؟؟ وهل سنشهد فوضى داخلية وأعمال بلطجة في حال فوز بايدن من قبل بلطجية ترامب ؟؟ وهل سيكون بايدن صادقا معنا وسيعيد النظر في كل قرارات ترامب في ولايته الأولى ، ويعمل على معالجتها وإصلاح ما أفسده ذلك المهرج من عبث بقضيتنا الفلسطينية ؟؟ وهل سيكبل قانون تيلور فورس 2018 أيدي بايدن بخصوص إعادة الدعم المالي للسلطة الوطنية الفلسطينية ؟؟

عن Allam Obaid

الصحفي علام عبيد

شاهد أيضاً

صبرا وشاتيلا شاهدة على جرائم الاحتلال بقلم : سري القدوة

صبرا وشاتيلا شاهدة على جرائم الاحتلال بقلم : سري القدوة الشعب العربي الفلسطيني والعالم اجمع …