ايها الألمان كفى

شبكة فلسطين المستقبل الإخبارية
الكاتب عمر حلمي الغول
في المعاهدات كافة بين الدول والقوى والمنظمات الدولية، التي توقع إتفاقات سلام، او تسوية اوضاع بعد الحروب والصراعات يتم عادة وضع تعويضات محددة، وبرقم مالي واضح قاطع، لا يقبل التأويل، او المضاعفة، أو الإبتزاز لاحقا. وبعد الإنتهاء من تسديد الإلتزامات المقرة في الإتفاقيات الثنائية، او الدولية تنتهي إلتزامات الدول تجاه بعضها البعض.
غير ان دولة الإستعمار الإسرائيلية، التي إستحوذت وورثت ضحايا الهولوكست من اليهودي الألمان وغيرهم، والتي لم تكن موجودة اثناء وبعد الحرب العالمية 1945/ 1939، بيد ان ممثلي الحركة الصهيونية تصدروا المشهد، وطالبوا بتحويل التعويضات الألمانية لليهود لصناديقها، ولاحقا للكيان الصهيوني، لاسيما وان إتفاقية لوكسمبورغ في العاشر من ايلول / ديسمبر 1952 ذات الصلة بالتعويضات جاءت بعد إعتراف الجمعية العامة بقرار التقسيم الدولي رقم 181 عام 1947، الذي أَصل لوجود ما سماه وعد بلفور ب”الوطن القومي لليهودي في فلسطين”. وبالتالي باتت إسرائيل، هي الوكيل الحصري للتعويضات الألمانية لليهود. ونتيجة الهزيمة وتكالب القوى الرأسمالية والأشتراكية على المانيا المهزومة آنذاك تم إلزامها بدفع الأموال لها. وتم الإتفاق على تسديد ما قيمته 822 مليون دولار تعويضا عن الإضطهاد العرقي ولضحايا النازية؛ كما إلتزمت المانيا بدفع معاش شهري لكل يهودي اينما كان، إذا ثبت تعرضه لمطاردة الحكم النازي في اوروبا منذ عام 1933 حتى 1945.
وكانت المانيا دفعت لإسرائيل ما يقدر ب3 مليارات مارك الماني غربي في غضون 12 عاما ما بين 1953 حتى 1965. اضف إلى ان المانيا كانت ثاني اكبر مصدر اسلحة للدولة الصهيونية القائمة على نكبة الشعب الفلسطيني عام 1948. ويمكن الجزم ان التعويضات الألمانية غير المحددة، هي التي بنت القاعدة المادية للصناعة الإسرائيلية، وهي المساعدات، التي ساعدت الدولة المارقة على الحفاظ على وجودها في فترة حساسة خلال الحربين الأولى والثانية في المنطقة 1848 و1956.
ووفق المصادر العليمة الإسرائيلية والأوروبية فإن حجم المساعدات والتعويضات الألمانية لإسرائيل الإستعمارية وزع على الألمانيتين وفق اتفاقية لوكسمبورغ، بحيث تتحمل المانيا الغربية الثلثين، والمانيا الشرقية الثلث قبل توحدهما في تسعينيات القرن الماضي. وإلى ان زالت الشرقية من الخارطة الجيوبولتيكية لم تسدد بنسا واحدا لإسرائيل، ولكن بعد الوحدة قامت المانيا الإتحادية بدفع الثلث المستحق على المانيا الشرقية السابقة. بالنتيجة بلغت مجموع التعويضات والمساعدات الألمانية لإسرائيل حتى الآن حوالي 100 مليار دولار أميركي، ومازال الحبل على الجرار. بمعنى ان نبع التعويضات الألماني لم يتوقف. ومازال باب النهب وإبتزاز المانيا مفتوحا.
وآخر ما تفتقت عنه عمليات النصب والإحتيال الصهيونية على المانيا، هو ابتزازها بدفع تعويضات جديدة بمقدار 662 مليون دولارلإسرائيل يوم الأربعاء الماضي الموافق 14/ 10/ 2020 تحت ما يسمى الأضرار التي لحقت باليهود بسبب الهولوكوست (البقرة الحلوب)، وبذريعة تأسيس معارض الهولوكست في إسرائيل والعالم. بعد ان قدم مؤتمر الدعاوي القضائية اليهودي بالنيابة عن مائتين واربعين الف يهودي متضرر شكوى قضائية. وعلى اثر المفاوضات بين المؤتمر والحكومة الألمانية اسفر الإتفاق على دفع المبلغ المذكور لصرفه على الأحياء!؟” وفق ما ذكرت صحيفة “يسرائيل هيوم” يوم الجمعة الموافق 15/10/2020، ترجمة توفيق ابو شومر
هذة المهزلة من التعويضات غير المثبتة في الإتفاقية، والتي لا علاقة لها بضحايا الهولوكست، وانما تحت ذريعتها وباسمها، وفي ابتزاز رخيص للحكومة والشعب الألماني، فرضت الإذعان على القيادة الألمانية، ودفعت المبلغ آنف الذكر دون ادنى معيار من معايير الإتفاقيات الدولية. آن الآوان لإلمانيا الإتحادية ان توقف تلك السياسة، وتلغي باب ما يسمى التعويضات والمساعدات الكاذبة. لإنها لا تذهب لصناعة السلام، انما لصناعة الحرب والعنف والإرهاب والموت للشعب الفلسطيني. كفى المانيا خضوعا للإبتزاز الصهيوني، الذي لا يمت للضحايا اليهود بصلة مع الصهيونية ودولة الإستعمار الإسرائيلية. واذا كان ولابد من تقديم الدعم والإسناد فليذهب للشعب العربي الفلسطيني الضحية الأولى للنازية والفاشية الصهيونية على حد سواء. ومن اجل تدعيم طريق السلام الممكن والمقبول وفق خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين على اساس القرار الدولي 194.
oalghoul@gmail.com
a.a.alrhman@gmail.com

عن Allam Obaid

الصحفي علام عبيد

شاهد أيضاً

صبرا وشاتيلا شاهدة على جرائم الاحتلال بقلم : سري القدوة

صبرا وشاتيلا شاهدة على جرائم الاحتلال بقلم : سري القدوة الشعب العربي الفلسطيني والعالم اجمع …