غزة – شبكة فلسطين المستقبل الإخبارية–
عبد الهادي عوكل –
في الوقت الذي يشهد فيه قطاع غزة تزايدا كبيرا في أعداد الإصابات بفيروس كورونا، يخشى أصحاب المهن اليومية سيناريو الإغلاق الشامل مرة أخرى، نظراً لأن التجربة الأولى التي فرض فيها الإغلاق قبل شهرين، لم يحظ أصحاب تلك المهن على أي دعم يساندهم خلال فترة الإغلاق.
يشار إلى أن حكومة حماس فرضت الإغلاق الشامل بين المحافظات ومنعت تحرك المواطنين فور اكتشاف أول حالة مصابة بفيروس كورونا في القطاع وذلك في 26 آب الماضي، وبعد تذمر المواطنين على مواقع التواصل الاجتماعي من الإغلاق وعدم مقدرتهم على سد رمق أطفالهم جراء تعطل أعمالهم، تم إعادة فتح المحافظات والتنقل، مع إجراءات للحد من الاحتكاك والاكتظاظ بين المواطنين.
ويعاني قطاع غزة من بطالة كبيرة، إضافة إلى أن نسبة كبيرة جداً من المواطنين يعتمدون على الكسب اليومي لتسيير أمور حياتهم، والإغلاق يشل حركتهم ويوقف حياتهم.
يقول المواطن حمدي عرب (40) عاماً، ويعمل سائقاً على سيارة أجرة، لمراسل “الحياة الجديدة”:” حينما تم فرض الإغلاق الشامل ومنع السيارات من العمل، عشتُ فترة عصيبة جداً، بعد أن توقف مصدر رزقي بالكامل، وأن سيناريو الإغلاق مرة أخرى سيعيد المعاناة لي ولعشرات الآلاف من المواطنين الذين يعملون في مهنة السياقة، والحرف الأخرى”.
وحول عمله في الوقت الحالي في ظل فرض إجراءات ارتداء الكمامة، أوضح أنه يعمل حتى الساعة الثامنة مساءً، نظراً لدخول موعد الإغلاق، ومن يخالف يتعرض لمخالفة، إضافة إلى أن العمل ضعيف نظراً لأن المدارس والجامعات والمؤسسات مغلقة، ويحصل قوت يومه بصعوبة بالغة. لافتاً إلى أن ما يحصله في اليوم أصبح لا يتجاوز الـ 20 شيقلاً في أحسن الحالات.
ولفت إلى أنه تعرض لعدة مخالفات جراء عدم ارتداء الكمامة أثناء العمل، مؤكداً أن الكمامة أصبحت سيفاً مسلطاً على السائقين، الذين يتم تحميلهم المسؤولية في حال لم يرتد أي راكب في السيارة الكمامة.
وأكد أن الوضع في غاية الصعوبة في حال تم إعادة الإغلاق الشامل.
في السياق ذاته، عبر بائع الخضار محمود نصار في حديثه لمراسلنا، عن خشيته من إغلاق الأسواق مرة أخرى، لما له من تعطيل لعمله، موضحاً أن الإغلاق السابق تضرر وضعه الاقتصادي وتكبد خسائر إضافة إلى ديون، ولم يكن بمقدوره العمل مطلقاً نظراً لإغلاق السوق بشكل كامل لأكثر من أسبوعين.
وأكد على ضرورة التشديد على الالتزام بالإجراءات الوقائية، والتعايش مع الوضع.
وشدد على أن الإغلاق الشامل سيلحق الضرر بالآلاف من أصحاب المهن اليومية، خاصة وأنه لا يوجد برنامج طوارئ حكومي يغيث من ستتعطل أعمالهم.
ورغم أن قرار الإغلاق الشامل مطروح على الطاولة لدى المسؤولين في قطاع غزة إلا أنه لم يبت فيه، في الوقت الذي يشهد فيه القطاع ارتفاع كبير في الإصابات.
حال السائق عرب والبائع نصار، هو حال جميع أصحاب الحرف اليومية الذين يشتكون من صعوبة الوضع في الوقت الحالي في ظل إجراءات كورونا، متمنين ألا يتم فرض الإغلاق الشامل، إلا في حال تكفلت الحكومة بالإنفاق على العاملين بنظام المياومة، لحين انفراج الأزمة.
الوضع خطير ومقلق
مدير فريق الطوارئ في منظمة الصحة العالمية مكتب غزة، أوضح لـ “الحياة الجديدة”، أن الإغلاق الشامل يخضع للكثير من الاعتبارات قد تفوق المنظومة الصحية وهو أمر حكومي بحت، ومنظمة الصحة العالمية ليست في وضع أن تقدم توصيات بهذا بالإغلاق الشامل من عدمه.
وأوضح أن الإغلاق الشامل له اعتبارات كبيرة، خاصة في قطاع غزة، حيث الوضع الاقتصادي المتهالك جداً، ونسبة فقر أكثر من 70%، ولذلك فإن الاغلاق الشامل له ما له من تبعات على الفقراء، والمواطنين الذين يقتاتون طعامهم يوما بيوم.
الخيارات المرة
وأضاف، أن الوضع هو بين خيارين، إما الاستمرار في الانفتاح وعدم الإغلاق، وترقب معدل انتشار الحالات الذي يودي بحياة المزيد من الأفراد، وأصحاب القرار يوازنون ويدرسون تبعات كل حالة من الحالات، اما أن يستمر الانفتاح أو يلجأون للخيار الثاني وهو الإغلاق الشامل بناء على ميزان الاصابات.
ولفت إلى أنه في ظل ارتفاع الاصابات فإن المنظومة الصحية قد تصل للانهيار، مؤكداً أن الخيارين صعبان؛ مستدركاً قد تضطر السلطات وهذا ما يحدث في مختلف الدول السلطات إلى خيار الإغلاق الشامل على اعتبار أنه خيار نهائي وأخير، لأن الاعداد التي تنجم عن انتشار الفيروس تهدد مجتمع بأكمله وقد تفوق في خطورته ما يتكبده الناس من الإغلاق الشامل.
وشدد صبح على أن المواطن عليه مسؤولية كبيرة جداً، وهو الذي سيحدد الذهاب للاغلاق الشامل من عدمه، من خلال التزامه أو عدم التزامه لأي من الخيارين، موضحاً أن الالتزام بالاجراءات الوقائية بصورة جيدة والتباعد الجسدي ولبس الكمامة وعدم التجمهر وعدم الازدحام سيعطي المنظومة الصحية كفاءة أعلى في التعامل مع الحالات الايجابية، أما إذا استمر الوضع نقدر أن المنظومة الصحية لن تصمد أكثر من أسبوعين قبل أن تنهار، وستضطر حينها السلطات للإغلاق الشامل، مؤكداً أن كلمة السر وعنصر النجاح والفشل في يد المواطن.