بالنسبة للفلسطيني الذي يقرأ الوثيقة فهو إنما يرى واقعه الذي يعيشه، فهو يلمس يوميًا الممارسة العنصرية لدولة الاحتلال، ويشعر بوضوح وفي كل لحظة الفارق في المعاملة بينه وبين اليهودي، الذي كما قالت الوثيقة يعيش واقعًا واحدًا منسجمًا من البحر إلى النهر، في حين يعيش الفلسطيني واقعًا سياسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا مختلفًا من منطقة إلى أخرى. فقد فرضت دولة الفصل العنصري على الشعب الفلسطيني أن يعيش في معازل، وكل معزل له واقع مختلف، داخل الخط الاخضر، وفي القدس الشرقية، وفي الضفة، وفي قطاع غزة. وحتى في كل معزل هناك معازل اصغر مختلفة في واقعها كما هو الحال في النقب، أو في الضفة بين مناطق (أ) التي تسيطر عليا السلطة الوطنية بالكامل ومناطق (ب) ومناطق (ج)، فكل واحدة من هذه المناطق تعيش ظروفًا وواقعًا مختلفًا.

وبالنسبة لحرية التنقل، هناك حرية كاملة ومفتوحة لليهودي من النهر للبحر والى الخارج، في حين الحرية مقيدة، أو حتى ممنوعة على الفلسطيني. وفي حين تملأ الحواجز العسكرية الضفة فانك لا ترى حاجزًا واحدًا داخل إسرائيل، سوى تلك على معابر الضفة مع الخط الأخضر، وهدفها منع الفلسطينيين من دخول إسرائيل أو السماح لمن تعطف عليه الدولة العنصرية بتصريح خاص. أما بالنسبة للسفر للخارج، فالفلسطينيون في معزل قطاع غزة ممنوعون من السفر، والمواطن في معزل الضفة ممنوع من السفر عبر المطار والموانئ البحرية، وسفره البري كله مشقة ومكلف ماليًا.

ومن الناحية القانونية، فإلى جانب سلسلة القوانين العنصرية التي أقرها الكنيست الإسرائيلي، وهي قوانين تميز بشكل واضح بين اليهودي وغير اليهودي داخل الخط الاخضر. اما الفلسطينيون في الضفة فتسري عليهم الاوامر العسكرية باعتبارهم تحت الاحتلال. اما في غزة فهم يخضعون للحصار الاسرائيلي الشامل. هذا إضافة إلى سياسة العقاب الجماعي المطبقة على الفلسطينيين في القدس الشرقية والضفة وقطاع غزة.

صحيح أن وثيقة بتسيلم تؤكد المؤكد بالنسبة للفلسطيني، فإن هذا المركز الإسرائيلي يستحق الشكر والثناء لأنه يراقب ويحلل ويقدم التقارير الموضوعية، ولأن هذا المركز لم يخضع لمنطق الاحتلال والعنصرية الذي يحرك إسرائيل كدولة. لقد كشفت وثيقة بتسيلم الجوهر العنصري لإسرائيل وأصبح العالم على إطلاع تام، فالسؤال: هل سيواصل هذا العالم دفن رأسه في التراب عندما يتعلق الامر بإسرائيل ويواصل سياسة ازدواجية المعايير؟