كورونا والحكومة والشعب  بين الإفراط والتفريط..!! بقلم- ناصر نمر عياد

يواجه الشعب الفلسطيني كما العالم باسره جائحة كورونا التي لم تترك جزءا في الكرة الارضية الا وعصفت به، فكورونا هذا الوباء بما حمله من آثار ثقيلة هو معضلة عالمية وليس حكرا على شعب دون أخر.
ونحن في فلسطين لسنا استثناء في التعرض لهذا الوباء فقد وصل الينا سائحا ولكنه توطن بيننا في موجة اولى ثم ها نحن نعيش الموجة الثانية التي على ما يبدو هي اكثر حدة وانتشارا واتساعا من الموجة الاولى، وهو ما يرتب علينا ان نقف مليا للنظر والتدبر لاتخاذ انجع الاجراءات لحماية شعبنا ومنع استفحاله من جهة والمحافظة على صيرورة حياتنا من جهة اخرى.
من الوهم الاعتقاد ان الحكومة الفلسطينية قادرة وحدها على الانتصار على كورونا ومع الاشادة باداء رئيس الوزراء الاخ الدكتور محمد اشتية وفريق حكومته من الاخوة الوزراء الذين عملوا بروح الفدائيين للتصدي لهذا العدو الخبيث والخطير وغير المرئي، الا اننا يجب ان نعذرهم لمحدودية مساحة الحركة في هامش عملهم والقدرة الكاملة على ضبط سلوك الناس بحكم واقع الاحتلال الذي يتحكم بحركة الدخول او الخروج من والى الخط الاخضر سواء بحركة عشرات الاف العمال وغيرهم من افراد جيش الاحتلال او المستوطنين وبالطبع من ابناء شعبنا الذين يقطنون القدس ومناطق 1948 ناهيك عن مناطق “سي وبي” التي لا تملك الحكومة سوى سيطرة جزئية عليها..!
واضف الى ما تقدم ،حتى مناطق “أ” التي يفترض ان الحكومة لها اليد المطلقة في الحركة والعمل بها لا يمكن اغلاقها او منع التجول بها ،ليس عجزا في جهوزية الامن الفلسطيني القادر على ذلك ،ولكن حفاظا على معيشة الناس وصيرورة حياتها ولقمة خبزها التي لا تملك الحكومة توفيرها لكل الناس في هذه الظروف الاستثناية الصعبة التي نمر بها، وحتى اكثر الدول ثراء ربما تعجز عن سد احتياجات شعوبها وهو ما فرض اتاحة هامش لحركة الناس والاقتصاد..وما بالك الوضع في فلسطين التي تخضع لاحتلال وحصار مالي وصل حد التأخر من دفع رواتب الحكومة نفسها..!!
ان هذا الواقع المرير الذي يعرفه ويعيشه الجميع والذي ازداد صعوبة بعد وقف القيادة التنسيق بكافة اشكاله …يفرض سؤالا..ما العمل..؟!
لن نضحك على انفسنا ان الحكومة لديها الحل السحري لهذه الازمة المعقدة المركبة التي يدخل الاحتلال الغاصب في كل تفاصيلها ويؤثر عليها بشكل كبير..وتحتاج الى امكانيات اكثر بكثير مما تملك ،وانا اقول بكل صدق وامانة كان الله في عون القيادة والحكومة على هذا الحمل الثقيل والثقيل جدا….!
اعتقد ان الحل يتلخص في شعار واحد ( ان وباء كورونا غير العالم واننا لابد ان نتكيف ونغير سلوكنا للتعايش مع هذا الوباء )…نعم لقد وصل العالم بمجمله الى القناعة بان مجريات الحياة بكل اشكالها يجب ان تستمر حتى في ظل الوباء من خلال إدخال ثقافة الوقاية واجراءات السلامة الى حياة الشعوب للحد من انتشار الوباء وفي نفس الوقت ضمان ممارسة الحياة بكل اشكالها..!
لقد اثبت شعبنا الفلسطيني وعلى مدى تاريخه قدرة كبيرة على التكيف في وجه المخاطر وفي ظل اصعب الظروف ،ولكن وللحقيقة هناك ارباك في التعامل مع جائحة كورونا وآثارها الخطيرةفجزء ليس بسيط من الناس ينكر وجود المرض جملة وتفصيلا، وهناك من يراه مثله مثل الانفلونزا قد تصاب به وتشفى وانت لا تعلم انك اصبت، وهناك من يقول انه مرض خطير ولكنه ليس بقاتل فالموتى هم كبار السن والمصابون بامراض مزمنة ، بينما يرى جزء مهم من الناس وانا منهم انه وباء خطير يكاد ان يدمر العالم..!
وامام هذا الواقع الذي يعيشه الشعب الفلسطيني سواء بقناعاته المختلفة او بواقع التقسيم الجغرافي وما ينتج عنه من سلوك مختلف او تأثير الاحتلال فلا بد من البحث عن مساحة مشتركة نتوافق عليها جميعا بما يحمينا ويضمن صيرورة حياتنا…فانا مثلا ضد منع الاعراس والافراح والمناسبات الاجتماعية بشكل مطلق وقصري…فلتكن وتقام ولكن تكون مختصرة وضمن شروط السلامة المطلوبة فالقاعة التي تتسع ل400 شخص لا مانع ان يؤمها 200 او100 شخص مثلها مثل المقاهي والكوفي شوب التي يؤمها الالاف من الناس لساعات طويلة ،فلا مانع ان نحافظ على مشاعر الناس في افراحها واتراحها كما نحافظ ونحرص على عمل مرافق اقتصادية تستقبل يوميا الالاف والالاف.!!
ان المثل الذي تناولته يمكن بالتوجيه والمتابعة ان يتحول الى ثقافة سلوك صحي وسليم وقس على ذلك كل شؤون حياتنا التي لا بد ان تستمر ويستمر معها استخدام الكمامة والمعقم وكل ما يلزم للمحافظة على صحتنا الى جانب المحافظة على مسير حياتنا المطلوب لنستمر ..فلا افراط في القيود ولا تفريط في اجراءات الحيطة والحذر..!!

عن admin

شاهد أيضاً

صبرا وشاتيلا شاهدة على جرائم الاحتلال بقلم : سري القدوة

صبرا وشاتيلا شاهدة على جرائم الاحتلال بقلم : سري القدوة الشعب العربي الفلسطيني والعالم اجمع …

اترك تعليقاً