مخاطر التطرف والغلو ..!.. 

مخاطر التطرف والغلو ..!..

بقلم / د. عبد الرحيم جاموس ….
الرياض / شبكة فلسطين المستقبل الإخبارية

إن جميع الرسائل السماوية حملت رسالة أساسية واحدة واضحة كما هي دعوة جميع الأنبياء وهي توحيد العبودية لله الواحد الأحد وتهذيب النفس البشرية، ليتعامل البشر على أساس هذه القاعدة أنهم جميعاً عبيدٌ لله وحده وأنهم متساوون فيما بينهم لا فرق بين لون وآخر أو جنس وآخر.

لكن سنة التدافع التي فطـر الله عليها البشر (لولا دفع الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض) تمثل قانون التدافع القائم على أساس المصالح، لذا وجب البحث عن التشريع أو القانون أو النظام الذي ينظم هذا التدافع على مستوى الجماعة الواحدة لينظم مصالحها ويحكم علاقاتها، وكذلك على مستوى الجماعات المختلفة والمتباينة وصولاً إلى جماعات الدول والكيانات  لتنظيم العلاقات الدولية على أسس من التعاون والأمن والسلام للجميع.

إن المغالاة والتطرف يقودان إلى التعصب المصلحي أو الفكري أو الثقافي أو العقائدي مهما تستر المتعصب بطهرية خالصة أساسها المبادئ السامية التي يعتقد أصحابها والمؤمنون بها أنها تمثل القيم المثلى والمطلقة ولا تفسح المجال للتعايش مع قيم ومفاهيم ومبادئ ومعتقدات الآخر، فتدخل صاحبها إلى ساحة الغلو والتطرف، وهذا لا يقتصر على جماعة أو دين أو ثقافة دون أخرى، الجماعة المبتلاة بالغلو والتعصب تبحث دائماً عن عناصر الاختلاف والشقاق بينها وبين الآخر، لتبرر انغلاقها على ذاتها وعلى ثقافتها وعلى معتقدها، ظانة أنها وما تؤمن به محل استهداف دائم من الآخر، ويقود هذه الجماعة أو هذه الفئة إلى الدخول في صراع أو حرب مع الآخر، يغذيه تضخيمها لعناصر الاختلاف والتمايز عنه ولا تستطيع تلك الفئات أو الجماعات أن ترى المشترك مع الآخر مهما اتسعت دائرته، في حين أن البحث عن العناصر والمصالح المشتركة على مستوى الجماعة الواحدة يقود إلى الوحدة والتلاحم ويجعل منها عناصر تفاهم وتوحد تقود إلى التوافق الذي يجنب الجميع كل أشكال الصراع الداخلي، وما ينطبق على الجماعة الواحدة أيضاً ينطبق على الجماعة البشرية باختلاف دولها، إن الدلائل على ذلك كثيرة في تاريخ الصراعات الداخلية، وأيضاً الصراعات ما بين المجموعات الخارجية أو الكونية، فالتطرف والغلو والتعصب مهما كانت قدسية الفكرة أو الثقافة أو العقيدة التي يؤمن بها المتطرف لن يقود صاحبه إلا في إتجاه واحد وهو الفتنة القاتلة أو الصراع الدامي والعنيف مع الآخر، وإهمال كل مشترك بينه وبين الآخر، الذي يمكن أن يمثل حقل تعاون وتوافق، وهل هناك فساد في الأرض أعظم من فساد الفتنة داخل الجماعة الواحدة، أو داخل الجماعات والكيانات والدول المختلفة؟.

إن قوى التطرف والغلو والتكفير وإن بدت أنها في تناقضات وصراعات فيما بينها إلا أنها في حقيقة الأمر هي متحالفة ومتواطئة ومتواصلة مع بعضها البعض، لأن كل واحدة منها تبرر وجود الأخرى، وهي في حقيقتها في جبهة واحدة متحدة ضد قوى التسامح والاعتدال والتعاون والمصالح المتبادلة والمشتركة والتي لا يمكن تحقيقها إلا على قاعدة المساواة والاحترام المتبادل لحقوق الجميع على مستوى الجماعة الواحدة وعلى مستوى الجماعات والدول المختلفة.

إن ظاهرة التعصب والغلو آفة لا وطن لها ولا دين لها ولا زمان لها ولا بد من نبذها وعلاج المصابين بها، يعدُ ضرورة ملحة، لإنقاذ المجتمعات المختلفة من نتائجها الكارثية المدمرة على مستوى أفراد المجتمع الواحد وعلى مستوى الجماعات والدول المختلفة أيضاً.!!

د. عبد الرحيم محمود جاموس

عضو المجلس الوطني الفلسطيني

عن abdullah

شاهد أيضاً

أمريكا وإدماج ” إسرائيل “…. قوة للسعودية …. ام إستهداف لها ولفلسطين ؟

أمريكا وإدماج ” إسرائيل “…. قوة للسعودية …. ام إستهداف لها ولفلسطين ؟ بقلم / …