الإنتخابات قادمة

الإنتخابات قادمة

بقلم / عمر حلمي الغول

رام الله 2020/8/29 شبكة فلسطين المستقبل

فجر يوم الإثنين الموافق 24 آب/ اغسطس تم التوافق بين حزبي الليكود وحصانة إسرائيل على تأجيل إقرار الموازنة والبحث فيها لمدة 120 يوما وفقا لمشروع إقتراح هاوزر، رئيس لجنة الأمن والخارجية في الكنيست. وهو ما يعني تسكين الأزمة الخانقة الإسرائيلية العامة أولا؛ ولجم التناقضات المستعمرة بين أركان الإئتلاف الحاكم وعنوانها نتنياهو وغريمه غانتس لفترة محدودة مدتها اربعة اشهر ثانيا؛ ومحاولة معالجة الملفات العالقة بين رأسي الحكومة العرجاء خلال الفترة القادمة، إن أمكنهما ذلك ثالثا؛ وهي فرصة لإلتقاط كل منهما الأنفاس لتحسين مواقعه في الشارع الإسرائيلي. لا سيما وان كلاهما بمعايير ونسب مختلفة يعيش تراجعا ملموسا في المشهد الإسرائيلي رابعا؛ كما ان بيبي وبيني لا يريدان إحداث إرباكات لرئيس الإدارة الأميركية، دونالد ترامب عشية الإنتخابات الرئاسية، خاصة وانه يحاول توسيع دائرة الإختراقات التطبيعية المجانية في جدار النظام الرسمي العربي خامسا.
مع ذلك هذا التأجيل شكلي ووهمي، ولم يعالج أي قضية خلافية في إسرائيل الإستعمارية، وغطت كل الأوساخ وحالات التعفن السياسية والإقتصادية والطبية والإجتماعية والقانونية والأمنية والثقافية والدينية، وأبقى كل الروائح الفاسدة تنفث سمومها في إجواء المجتمع الكولونيالي. وبالمناسبة التأجيل لبحث ازمة الموازنة، كان اسهل الحلول لها، لإنها بشكل طبيعي باتت منتهية، ودخلت الدولة بشكل طبيعي العام الثاني، وهكذا نجح نتنياهو في تثبيت منطقه وقراره بعدم تمرير موازنة العامين، والإقتصار على موازنة العام الواحد، وبالتالي كان الخاسر زعيم “كاحول لافان”. كما ان ازمة الموازنة، لم تكن اكثر من ازمة شكلية، واستخدامها كواجهة للصراع بين القطبين الفاسد والضعيف لعدم نشر كل منهما الغسيل الوسخ، وإبقاء الأزمات الأعمق بينهما مغطاة بورقة توت متآكلة. ومن الأزمات الصعبة بينهما: مسألة التعيينات للمناصب العليا وخاصة في وزارة القضاء، وتعيين مفتش عام للشرطة، والمدعي العام، والمستشار القضائي للحكومة،بالإضافة لإزمة الكورونا، والتهديدات الأمنية من الشمال والجنوب والملف الإيراني وغيرها.
لذا ضَمنْ هاوزر مشروع إقتراحه، الذي تم التصويت عليه تشكيل لجنة بين الحزبين لتعمل على الإتفاق على قواسم مشتركة بينهما، وحماية التحالف الهش، وقطع الطريق على الإنتخابات البرلمانية في آذار / مارس 2021. لكن على ما يبدو ان وصولهما لإتفاق بات شبه مستحيل، ولا اريد ان استنتج إستحالته، لذا أميل للتخفيف نسبيا، فأقول صعب جدا توافقهما، لإن نتنياهو مازال مسكونا بمسألتين الأولى التخلص من غانتس وإشكنازي وبقايا العمل (بيرتس)، وعدم منح رئيس الحكومة البديل فرصة الجلوس على كرسي رئيس الحكومة ولو لساعة واحدة، وبالتالي الحؤول دون بقاء التحالف حتى تشرين ثاني / نوفمبر 2021 موعد تولي غانتس رئاسة الحكومة؛ والثانية مواجهة القضاء، والخروج من عنق الزجاجة بإحدى الطرق الإلتفافية عبر سحب ورقة جديدة من طاقيته لطي صفحة المحاكمة في القضايا الثلاث، أو الخروج بأقل الخسائر الممكنة دون دخول زنزانة السجن، وإغلاق صفحة وجوده السياسي.
إذا كل المؤشرات العلمية والواقعية تشير إلى ان تأجيل الإنتخابات لم يلغ الذهاب إليها، وهي قادمة لا محالة، وهذا بالإساس خيار الحاوي، زعيم الليكود، الذي ضج من حليفه ثقيل الظل والمرفوض غانتس، الذي تشير آخر إستطلاعات الرأي عن حصوله على عشرة مقاعد في احسن حال لو تمت الإنتخابات في 24 /8/2020. وبالتالي تصريحات الجنرال وزير الحرب غانتس، عن ان الإنتخابات ستؤدي للحرب الأهلية، لا تقدم ولا تؤخر عند الرجل المقيم في شارع بلفور، فهذا آخر همه، ولا يعيره أدنى إهتمام، لإن هاجسه الأساسي البقاء في سدة الحكم. وايضا خياره حتى في اسوأ الأحوال، عدم القبول بتربع زعيم “مناعة إسرائيل” على كرسي الحكومة، بل يمكن ان يذهب لحكومة مصغرة يقودها احد اركان الليكود، ولا ان يأتي غانتس رئيسا لها.
النتيجة الماثلة امام المراقب الموضوعي أن دولة الإستعمار الإسرائيلية تتجه نحو الإنتخابات. لإن التأجيل ليس أكثر من مسكن مؤقت، وضعيف التأثير في حجم الأزمات الإسرائيلية، لإنها اعمق مما يعتقده الكثيرون، كونها ازمة مشروع، وليست أزمة اشخاص واحزاب، والتي على ما يبدو ان الزعماء العرب وخبراءهم في الشأن الإسرائيلي لم يدركوها، أو وضعوا على اعينهم نظارات سوداء حتى لا يرونها.
oalghoul@gmail.com
a.a.alrhman@gmail.com

عن abdullah

شاهد أيضاً

أمريكا وإدماج ” إسرائيل “…. قوة للسعودية …. ام إستهداف لها ولفلسطين ؟

أمريكا وإدماج ” إسرائيل “…. قوة للسعودية …. ام إستهداف لها ولفلسطين ؟ بقلم / …