بإستمرار إضراب المعلمين ليس آخر العلاج الكي إنما اتباع سياسة العصا والجزرة لشل الحراك

بإستمرار إضراب المعلمين ليس آخر العلاج الكي إنما اتباع سياسة العصا والجزرة لشل الحراك
بقلم / نضال العرابيد

غزة / شبكة فلسطين المستقبل الإخبارية.
يؤسفني أن أقول بأن العمل النقابي في فلسطين خلط أربابه مابين العمل النقابي المدني الإجتماعي بشكله المهني لعمل النقابات والإتحادات والذي يتمثل همه في المقام الأول بالدفاع عن المنتمين لتلك النقابات والإتحادات وحقوقهم في إطار القانون والمصلحة الوطنية للبلد سواءً كان أولئك المنتمين موظفين في القطاع العام أو الخاص وما بين العمل السياسي وتحقيق مكتسبات سياسية لحزب بعينه وبالتالي تحويل النقابات أو الإتحادات لمقار حزبية تطبق أجندة الحزب الداعم للنقابة أو الإتحاد ويحول دونما تحقيق أهدافهما الرئيسية والمرجوة ،وبالتالي نشاهد الخروج عن المألوف في الحالة الفلسطينية وكيفية جر المنتمين لتلك النقابات لمحرقة تعمل لصالح جهة سياسية أو حزبية بعينها ويصبح عمل النقابة مسيّس ومطالبها مرتبطة بذلك الحزب الذي يمارس سلوكاً في الإتجاه المعاكس للبلد والمصلحة الوطنية فماذا لو كانت الجهة غير معلومة تحمل إسم “حراك المعلمين”!!!

سنعود ونتحدث عن ذلك الحراك المريب بعد التذكير بما شاهدنا من الخروج عن المألوف في العمل النقابي لنقابة الأطباء ولكنها ليست محور حديثنا في هذا المقال ولكن كان لابد لي من التعريج هنا قليلاً من باب التذكير وأعتقد الذاكرة الفلسطينية ليست قصيرة ولا تنسى إضراب الأطباء في مارس عام 2021 وعصيانهم بتركهم للمستشفيات والمراكز الصحية الحكومية في الضفة الفلسطينية خاصةً في فترة كانت تُوصف بالحساسية في ظل تزايد عدد الإصابات حينها بفايروس كوفيد19 وتناسى أولئك الأطباء أن مهمتهم بالأساس هي مهمة إنسانية وطنية قبل أن تكون مهنة تتمثل في تقديم الرعاية الصحية والطبية لهذا الشعب المكافح الصامد في وجه آلة الإحتلال الإسرائيلي ،ولاحظنا كيف تأثرت الرعاية الصحية في مستشفيات الضفة بنقصٍ حاد في الطواقم الطبية حتى أنه هناك مرضى فارقوا الحياة على أثر ذلك الإضراب الجشع ولولا عناية الله ومن ثم تدخل طواقم الخدمات الطبية العسكرية بإستقبالهم للمرضى في مراكز الخدمات الطبية العسكرية والمقرات والوحدات التابعة للأجهزة الأمنية الفلسطينية وتقديم الرعاية الصحية لهم لكانت هناك كارثة صحية كبيرة لا قدّر الله ،ومع ذلك لم يعودوا أولئك الأطباء عن إضرابهم إلا بعد أن حصلوا على علاوات مالية رغم أن سلّم رواتبهم جيد جداً بل ممتاز مقارنةً بموظفين آخرين في الوظيفة العمومية ولكنه الجشع المادي والإرتباط بجهات حزبية وأجندات مختلفة تحاول إحراج الحكومة ومناكفتها وتعطيل عملها

لكنني هنا في مقالي أحاول تسليط الضوء على إضراب المعلمين في الضفة وكواليس ذلك الإضراب ومن يقف خلفه بتغذيته وإصدار بياناته المريبة سيما وأنه يحمل اسم” حراك المعلمين” الذي لا يمتثل لتعليمات الإتحاد العام للمعلمين الفلسطينيين وتقف كل مرة خلفه جهة مبهمة غير معلومة بذريعة الخشية من الملاحقات الأمنية أو الفصل من الوظيفة الحكومية ،وللأسف إنساق عدداً كبيراً من المعلمين كالقطيع دونما أدنى تفكير ولو فقط لمرةٍ واحدة بأن يسألوا أنفسهم من هي الجهة التي تقف خلف ذلك الحراك الذي يراودني شك يكاد يرتقي لليقين بأن ذلك الحراك ليس إلا حراكاً مشبوهاً بكل ما تحمله الكلمة من معاني الشبهات ويحمل علامات إستفهام تحتاج من الكل الوطني أن يقف وقفة جادة تجاه ذلك الحراك ودعوة المعلمين لمقاطعته والعودة على الفور إلى مدارسهم !!!!
هل خانتهم ذاكرتهم أولئك المعلمون وتناسوا بأنهم يتحملون مسؤليات إنسانية ووطنية وقبل ذلك أخلاقية وذهبوا ليعطلوا خدماتهم التعليمية والتربوية التي لا يمكن بأي شكلٍ من الأشكال أن تتعرض للتعطيل لما يترتب عليها من ضررٍ بل ومن آثار كارثية على المسيرة التعليمية وعلى مستقبل طلابنا وتأثر التحصيل العلمي لديهم سلباً ،أم أوهمهم القائمين خلف ذلك الحراك المشبوه على العمل على تحسين رواتبهم وهنا برز الجانب الجشع من سيكولوجيا شخصيتهم ؟! ولم يأخذوا بالإعتبار عدم مقدرة الموازنة العامة للسلطة الوطنية الفلسطينية ووزارة المالية على تحمل أي علاوات جديدة في ظل الأزمة المالية التي تواجه الحكومة ومن منا لا يعلم حجم الدين الداخلي الذي تتحمله السلطة الوطنية الفلسطينية جراء الإقتراض من البنوك المحلية لتوفير فاتورة الرواتب لموظفين الدولة ،لا سيما أن هذه السلطة تمر بظروف سياسية غير إعتيادية في ظل إنسداد الأفق السياسي وتشديد الحصار الذي يفرضه الإحتلال الإسرائيلي على هذه السلطة الوطنية وتقويض عمل اداراتها وأجهزتها في محاولات يائسة لإسقاطها بدعم من عملاء الداخل لتكون الفوضى والفلتان الأمني هما البديل في ظل بروز أقطاب اليمين الصهيوني المتشدد في حكومة النتن ياهو وبنجفير وسموتريتش وفاسرولاف وما نشاهده و عمل تلك الحكومة اليمينية المتطرفة من محاولات التهويد ومشاريع الضم والأسرلة وإطلاق العنان لجمعيات الإستيطان لتبتلع ما تبقى من الأرض الفلسطينية في الضفة الفلسطينية بما فيها القدس وبالتأكيد غزة ليست خارج هذه المعادلة ونلاحظ كيف يتم تغذية شريان الإنقلاب فيها والتحكم في غلافها الأمني عبر المبعوث القطري الذي تتساوق عمل لجانه مع الإحتلال في إطالة عمر الإنقلاب العسكري وإدارته وتغذية مفاصله وأذرعه سيما قدوم ذلك المبعوث عبر حاجز إيرز كل ما ساءت الحالة الأمنية والعسكرية مع الإحتلال فييأتي مهرولاً لتهدئة جبهة غزة وتبريدها بحقيبة الدولار وحدث هنا ولا حرج ….

واليوم يستمر ذلك الإضراب الملعون للمعلمين المنساقون خلف ذلك الحراك المشبوه لأكثر من شهرين متتاليين تاركين أبواب المدارس مغلقة أمام طلابنا البواسل ولم يدركوا بأن المعلم بعلمه وغرس هذا العلم في عقول الأجيال كاد أن يكون رسولا كما قال الشاعر أحمد شوقي في مطلع قصيدته ،وهنا تكمن خطورة هذا الإضراب وأضراره الكارثية على المسيرة العلمية والتعليمية و فقدان الطلاب لتحصيلهم العلمي من خلال ممارسة تجهيل متعمد نتسائل لصالح من ومن المستفيد ومن الذي يغذي ويحرض ويصدر البيانات ويسخن مواقع التواصل الإجتماعي ضد السلطة الوطنية الفلسطينية لذلك يجب على الكل الوطني الاصطفاف إلى جانب مجلس أولياء الأمور الرافض لهذا الإضراب الجشع المسيّس الغير وطني والغير أخلاقي والمشبوه ويعتبره المجلس بأنه يهدف إلى تجهيل أبنائنا وبالمناسبة ما يجعل الشكوك تُثار حول شبهة هذا الحراك وإستمرار الإضراب هو أن اللقاءات مع الحكومة ومن خلال الإتفاق مع وزير المخابرات العامة الفلسطينية اللواء أبوبشار تم الإتفاق مع الإتحاد العام للمعلمين الفلسطينيين بتثبيت علاوة للمعلمين في القطاع الحكومي بنسبة 15% بشكل شهري يتم صرف 5% كل راتب وتبقى ال10% على فيشة الراتب في ذمة الحكومة لحين حدوث إنفراجة مالية ووافقت الأطراف على ذلك بل كان هذا هو المطلب الرئيسي للقائمين على ذلك الحراك فلماذا أخلّوا بالإتفاق وإستمروا في إضرابهم وعصيانهم وإصدار بياناتهم التوتيرية ،فهل هذا هو جزاء الحكومة التي استجابت لمطلبهم وهي تعيش أزمة مالية و تعاني من ضائقة مالية كبيرة وتقترض من البنوك لسد فاتورة الرواتب وكذلك توفير معاشات الأسرى والجرحى والشهداء وعوائلهم في ظل تشديد الإحتلال لحصاره السياسي والمالي لهذه السلطة الوطنية وما تقوم به ما تسمى وزارة الدفاع الإسرائيلي من عمليات قرصنة لأموالنا من عائدات الضرائب بحجة أن السلطة الوطنية الفلسطينية تدفع من هذه الأموال لعائلات الشهداء والأسرى والجرحى تحت بند دعم الإرهاب من وجهة نظر الإحتلال ،وهنا على المعلمين بدلاً من الإنجرار خلف جهة غير معلومة هدفها من الإضراب المناكفات السياسية وإحراج الحكومة والسلطة وإظهارهم عاجزين كان من باب أولى على المعلمين أن يعلقوا هذا الإضراب والالتفاف حول السلطة الوطنية الفلسطينية ودعم مواقفها وطنياً والتضامن معها في أزمتها وما تواجهه من تحديات يفرضها الإحتلال وعملائه ،أم يرغب أولئك المعلمين اللذين تركوا مدارسهم أن يكون البديل لهم سقوط المشروع الوطني وعودة الإحتلال وأذنابه وروابطه لتشرف عليهم وزارة المعارف الإسرائيلية وتغدق عليهم من الأموال ليكونوا خونة العلم وخونة الوطن أم ماذا يريدون ؟!!!

لذلك أنا هنا أنظر للموضع من زاوية أمنية خطيرة ويجب الحذر من هذا الحراك وكشف من يقف خلفه ولنعتبر أنَّ المعلمين ما هم إلا ضحية الجهة التي تكمن خلف الحراك ولكن لا يتم اعفاء المعلمين من مسؤلياتهم تجاه ما أقدموا عليه ولكن في هذا الموقف لا أتفق مع المثل الشائع أنَّ آخر العلاج هو الكي ولست مع فكرة مطالبة فصل المعلمين المضربين لعلاج أزمة طلابنا وإنما على السلطة الوطنية الفلسطينية تحيل الملف للأمن للتحقيقات وفي ذات السياق أن تتبع الحكومة سياسة العصا والجزرة مع المعلمين المضربين بحيث يتم إيقاع الخصم على فيشة الرواتب لكل معلم خالف النظام والقانون ولم يحضر إلى مدرسته لإحتساب عدد الأيام التي تغيب فيها عن عمله وفق القانون وبأثر رجعي من الشهور التي تغيب فيها عن الوظيفة وهنا لا ينبغي على السلطة أن تقول لهم عودوا إلى العمل وعفا الله عما سلف بل يجب الحزم بحيث تكون العودة مشروطة بالخصومات لأيام الغياب حسب ما ينظمه القانون وبعد ذلك توجيه الإنذار بإحالة من يتخلف بعد ذلك عن الحضور ويستمر في ترك عمله بأن يُحال إلى التقاعد الإجباري المبكر لما تقتضيه المصلحة العامة ومثلما تم إصدار مرسوم بالتقاعد الإجباري المبكر للعاملين في الاجهزة الأمنية الفلسطينية عام2017 لما اقتضته المصلحة العامة والإصلاحات الإدارية والمالية والهيكلية في أجهزة الأمن فبات من الضروري جداً إصدار مرسوم للتقاعد الإجباري المبكر في الوظيفة المدنية وهنا لا أتحدث عن التقاعد المالي الذي تزامن مع التقاعد الإجباري المتعلق بالعسكر وإنما تقاعد بشكله تماماً كما حصل مع منتسبين الأجهزة الأمنية وفي ذات السياق على السلطة الوطنية الفلسطينية ووزارة التربية والتعليم وديوان الموظفين العام أن ينجزوا وظائف جديدة في السلك التعليمي لمعلمين ومعلمات جدد يتم إستيعابهم لتغطية العجز وليكن هناك دائماً على باب الإحتياط معلمين ومعلمات يتم تسكينهم على الوظيفة العمومية في مؤسسات وزارة التربية والتعليم أما أن يستمر هذا الإضراب دون علاجه فهذا ينذر بكارثة على طلابنا ومسيرتنا العلمية والتعليمية وقد يكون ضمن مسلسل الفلتان الأمني الذي يحاول الإحتلال. عملائه من تسويقه والترويج له داخل المجتمتع الفلسطيني خاصةً في الضفة الفلسطينية التي تحاول حكومة اليمين من إستهدافها وتتحدث بشكل دوري عن توجهاتها لضم مناطق من الضفة الغربية لتكون ضمن السيادة الخاصة بحدود الإحتلال .

عن abdullah

شاهد أيضاً

أمريكا وإدماج ” إسرائيل “…. قوة للسعودية …. ام إستهداف لها ولفلسطين ؟

أمريكا وإدماج ” إسرائيل “…. قوة للسعودية …. ام إستهداف لها ولفلسطين ؟ بقلم / …