أيها القائد: اذكرهم بالاسم ولا تسرق جهودهم.

أيها القائد: اذكرهم بالاسم ولا تسرق جهودهم.

بقلم / بكر أبوبكر

رام الله / شبكة فلسطين المستقبل الإخبارية

ثقةُ الجماعة من أثمن ما يمكن أن يحققه الشخص في علاقاته المختلفة، في دوائره القريبة أوالبعيدة، لأنها المدخل لأن تسير السفينة سفينة الحياة، ومنها في العمل المشترك، بشكل متزن، لا يعطبها ثغرات ولا يشوبها خلل الفقدان أو الغرق.

وفي هذه المادة المعنونة: كيف يكتسب القائد ثقة الجماعة في 15 نقطة عرّفنا الثقة ثم القائد عامة، والقائد الجيد والسيء، والقِيِم. ثم عرّجنا على الاهتمام كأول نقطة في اكتساب القائد لثقة الجماعة، وعرضنا النقطة الثانية حيث التعاطف مع الآخرين، ومشاعرهم، ثم الاشادة بالأعضاء وشكرهم أو مدحهم علنًا. والآن سنناقش فكرة ذكر وتقديم من يستحقون بالاسم، ونسب الفضل لأصحابه وعدم سرقته.

ذكرهم بالاسم وتقديمهم:

التقيت مع أخوين من القادة في الإطار الوطني وكان يتحدثان عن ثالث، زميل لهما، وكليهما قد بلغا من العمر عتيًا، فأشدتُ بعدد من الكادرات الشابة بالاسم لما قاموا به من إنجازات طيبة، وطلبت منهما وهما قد تجاوزا السبعين من العمر أن يذكرا هؤلاء الأخوات، والأخوة ويشيدون بهم علنًا من خلال لقاءاتهم في الاجتماعات أو لقاءاتهم الفضائية أوالإذاعية ليقدموهم عمليًا ما قد يؤهل هؤلاء الشبيبة في عيون الناس ليكونوا القادة القادمين، فما كان منهما الا أن قالا: مازلنا نحن الشباب! ضاحكين بصخب!

لا تكن كقائد من هذه الفئة.

بل عليك الإشادة والفخر بإنجازات الآخرين وخاصة من الجيل الجديد لتقديمهم، واذكرهم بالاسم خاصة إن كنت قائدا لفريق أو جماعة أو تنظيم (في حركة فتح مثلًا من شعبة الى منطقة الى إقليم الى اللجنة المركزية).

لننظرمن فن الإشادة والذكر العلني للآخرين لدى سيد الخلق صلى الله عليه وسلم حيث قال: «خذوا القرآن من أربعة: من ابن أم عبد، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب، وسالم مولى أبي حذيفة» (رواه مسلم).

عن أنس بن مالك رضي الله عنه، وعن كتاب الأدب المفرد: “كان الرسول (ص) يذكر ويدعو أصحابه بأحب أسمائهم اليهم، وبكُناهم المحببة إكراماً لهم واستمالةً لقلوبهم، ويُكنِّي مَن لم يكن له كُنية، فكانَ يُدعى بما كناه له. ويُكنِّي أيضاً النساء اللواتي لهُنّ أولاد، واللّواتي لم يلدنَ. ويُكنِّي الصبيان فيستلينُ به قلوبهم”!

إن مجرد استخدام اسم الشخص في المحادثة له فوائد عديدة والمقصود هنا بالسياق الإيجابي، فما بالك عندما يذكره مسؤولك أو قائدك مقرونا بالإشادة الخاصة أوالعلنية أو التقديم لك بمودة أمام الآخرين؟ أو في الاعلام؟

إن ذكر الاسم بحد ذاته يخلق ثقافة الاحترام والتقدير، حيث يضع معظم الناس الكثير من القيمة في أسمائهم، ويجب عليهم ذلك! إنه جزء من هويتهم.

وإليك اقتباس مشهور من (ديل كارنيجي) المختص بتطوير الذات حيث يقول إن “اسم الشخص بالنسبة له هو أحلى صوت وأهم صوت في أي لغة.”

وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “ثلاثة يصفين لك ودّ اخيك أن تسلم عليه إذا لقيته، وأن توسع له في المجلس، وان تناديه بأحب الأسماء اليه”.

 

نسب الفضل لأصحابه، فلا تسرق الآخرين:

في سياق إعطاء الفضل لأهله فإن القائد الذي لا يتورع عن سرقة أفكار الآخرين أو انجازاتهم ونسبها له! هو قائد فاشل، أو قائد سيء، وعلى طريق الهاوية مهما كانت القوة المادية أو المعنوية والصلاحيات التي يتمتع بها عظيمة فهو قائد نعم لأنه يقود جماعة ويحقق بهم بعض الأهداف، ولكنه بالقِيِم والأخلاق سيء ولا يتمتع بالثقة.

ومما يقوله الفيلسوف والمفكر عبدالله بن المقفع عامة، وذو شأن عظيم إن حصل من القائد: لا تسرق أقوال الآخرين ف”إن سمعت من صاحبك كلامًا ما أو رأيت منه رأيًا يعجبك، فلا تنتحله (تسرقه) تزينًا به عند الناس، واكتفِ من التزيّن بأن تجتنى الصواب إذا سمعته، وتنسبه إلى صاحبه، واعلم أن انتحالك ذلك مسخطة لصاحبك، وأن فيه مع ذلك عارًا وسخفًا”.

أعرف مسؤولًا كبيرًا لا يتورع عن سرقة أفكاروجهود الآخرين ونسبته له (فيما يقول وأحيانًا فيما يكتب) فهو يعوّل على الزمن بالنسيان، ويعيد انتاج ما سرقه من غيره، وكأنه هو من قاله أوفعله مستعينا بالموقع الذي يشغله فلا يكاد أحد يصدقك أنت! وتصبح مصداقيته هي الوحيدة. ولكنه بالحقيقة يسرق أفكارك وانتاجاتك وينسبها له.

عرفت زميلًا لي في أحد الاطر التي كنت عضوًا فيها بالبدايات، وكان يجلس معي قبل الاجتماع للإطار في المؤسسة ونتناقش فيما يمكن أن نطرحه، وأثناء انعقاد الاجتماع كان يسابقني لطرح أفكاري أنا باعتبارها له! وهي ما أفضيت بها له قبل الاجتماع، وكررها لأكثر من 3 مرات دون خجل أو شعور بحرج! حتى امتنعت عن اجابته حين يسألني قبل الاجتماع، فيجلس في مقعده بالاجتماع حائرًا لا يعرف ما يقول.

من الصحفيين الكبار الذين عرفتهم يشيدون بانجازات الآخرين وبالاسم ويقدمهم كان حافظ البرغوثي، وعرفت مثل هذه السمة في صلاح خلف (أبوإياد) وفي اللواء محمود الناطور (أبوالطيب) كأمثلة.

وآليت على نفسي حين أكتب أو حين أتحدث في محاضرة أو اجتماع سياسي أو تنظيمي أو دورة نعقدها أن أذكر مَن له الفضل في فكرة أو معلومة أو جهد بل ولربما أزيد لمزيد من التشجيع له.

https://www.facebook.com/baker.abubaker/

عن abdullah

شاهد أيضاً

أمريكا وإدماج ” إسرائيل “…. قوة للسعودية …. ام إستهداف لها ولفلسطين ؟

أمريكا وإدماج ” إسرائيل “…. قوة للسعودية …. ام إستهداف لها ولفلسطين ؟ بقلم / …