لن الومَ المطبعين..!

لن الومَ المطبعين..!


بقلم د. عبدالرحيم جاموس … !

الرياض 2020/10/24 شبكة فلسطين المستقبل … 

في الثالث والعشرين من اوكتوبر 2020 م صدر من واشنطن البيان( الامريكي الإسرائيلي السوداني ) عن تطبيع العلاقات الإسرائيلية السودانية ، لتكون الدولة العربية الثالثة التي توقع مثل هذا الإعلان التطبيعي مع الكيان الصهيوني في غضون شهرين .
كما بررت كل من الإمارات والبحرين اتفاقياتها التطبيعية تبرر حكومة السودان ذلك ايضا بمصلحتها الوطنية ، وان هذة المواقف تمثل قرارات سيادية لهذة الدول المستقلة السيدة ..
فإنني احترام سيادات هذة الدول التي تبلورت في هذة الإعلانات ونا سينتج عنها من اتفاقات و لن الوم حكومات هذة الدول على اتخاذها لهذة ( القرارات السيادية ) … ! هذة القرارات السيادية لابد من موافقة شعوبها عليها من خلال استفتاءات شعبية او موافقة برلماناتها بنسبة الثلثين عادة وذلك كما يجري في الدول ذات السيادة في مثل هذا الأتفاقيات الدولية من اجل التصديق عليها واعتمادها … تماما كما يفعل برلمان الكيان الصهيوني (الكنيست) الذي ستعرض عليه هذة الإتفاقات للمصادقة ولسريانها .. حيث هنا يضفى الطابع السيادي على مثل هذة الإتفاقيات .. وانها ليست مجرد قرارات فوقية لسلطة تنفيذية قد خضعت لجملة من الإبتزازات والضغوط الخارحية قد فرضت عليها توقيع مثل هذة الإتفاقيات والتي تمثل حقيقة اختراقا وسحقا لسيادتها مهما وصفتها بأنها قرارات سيادية …
لأن هذة الإتفاقيات قد مثلت خرقا ونقضا فاضحا لإلتزامات هذة الدول ولقرارات اقليمية ودولية سابقة كانت قد التزمت بها بمحض ارادتها المستقلة .. سواء من خلال العلاقات الثنائية او عبر مشاركتها في منظمات اقليمية عربية وغيرها ومنظمات اممية …!
ماهي الفوائد او المصالح التي دفعتها اليها أو ستجنيها تلك الدول بل تلك الحكومات من توقيع مثل هذة الإتفاقيات ؟
لا شك ان تلك الحكومات لاتفتقر الجواب التضليلي على مثل هذا التساؤل ، اولها الإدعاء الكاذب انه في مصلحة السلام و الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية التي لا زالت تراوح مكانها منذ ازيد من سبعة عقود مضت .. والكيان الصهيوني مدعوما من القوى الإستعمارية وهو يواصل تحديه للقانون الدولي ولقرارات الشرعية الدولية فيما يتعلق بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وكذلك للحقوق العربية في انهاء اغتصابه واحتلاله للأراض العربية ورفضه تنفيذ ما يلزم من اجل إحلال السلام ، هكذا مثل هذة الإتفاقيات معه لن تزيده إلا غطرسة وتجاهلا وتنكرا لهذة الحقوق الوطنية والقومية الثابتة الفلسطيتية والعربية وغير القابلة للتصرف ..!
يأتي ثاني هذة التبريرات التضليلية التبرير الامني والإستقرار في المنطقة ..
هذا التبرير لايصمد ايضا امام محاكاة الواقع لدور ووظيفة الكيان الصهيوني ماضيا وحاضرا ومستقبلا في المنطقة العربية بشأن الأمن والإستقرار في المنطقة ، بل هو مثلَّ ولازال التهديد الإسترايجي للأمن الوطني والقومي لكافة الدول العربية دون استثناء سواء منها دول الجوار العربي أوحتى دول الأطراف البعيدة لتنافي وجوده ودوره الوظيفي المنوط به منذ الفكرة والنشأة والتأسيس مع امن واستقرار وسلام المنطقة .. والشواهد على ذلك عديدة ومتنوعة يصعب حصرها في مقالة …
إن هذة الإتفاقات التطبيعية سوف تمثل تغطية قانونية وشرعنة لوظيفة ودور الكيان الصهيوني في اشاعة عدم الإستقرار وتهديد الأمن للدول العربية كافة من الخليج الى المحيط .. ولن تكون غير ذلك .. وإن التفكير الساذج لدى البعض من الحكومات والذي يرى امكانية بناء استراتيجية امنية ودفاعية مشتركة مع الكيان الصهيوني في مواجهة بعض الأخطار والتهديدات الأمنية التي تمثلها بعض القوى الإقليمية ذات الأطماع في الوطن العربي مثل (ايران او تركيا وحتى اثيوبيا ) تفكير ساذج ومريض مبني على الأوهام وابعد ما يكون عن فهم الواقع وفهم حقيقة التنافس بين الكيان الصهيوني وهذة القوى الطامعة و التي هي في علاقة تكامل حقيقي معه في اقتسام النفوذ والهيمنة والسيطرة على العالم العربي وشرذمته وسرقة خيراته … !
لذا لن يصطف الكيان الصهيوني الى جانب اي دولة عربية في حالة مواجهتها لأي اخطار قد تهددها من اي من هذة القوى وأي جهة كانت بل سيكون الكيان الصهيوني شريكا مستترا وحتى ظاهرا في بعض الأحيان كما هو الحال في العراق وسوريا … وغيرها .
أما ثالث هذة التبريرات المضللة الذي يسوقه الرئيس الأمريكي وادارته هو التبرير الإقتصادي والإزدهار والإنتعاش للمنطقة … الحقيقة الصادمة لن يكون أي من مكونات المنطقة وأي احد مستفيدا من الناحية الإقتصادية من هذة الإتفاقيات سوى الكيان الصهيوني نفسه والتي سوف تفتح له اسواق العرب وتسهل له الوصول بيسر وسهولة لما بعد اسواق العرب في آسيا وافريقيا من خلال فك العزلة الجيوسياسية وانهاء كافة اشكال المقاطعة العربية له ، سيجني من ذلك ارباح ومزايا اقتصادية لم يكن يحلم ان يحققها منذ نشأته… خصوصا وهو يمارس ابشع صور التوسع والعنصرية والعدوان و التنكر لحقوق الشعب الفلسطيني في وطنه وللحقوق العربية …
إن الضرر المعنوي والمادي الذي سيلحق بالدول والحكومات الموقعة والتي ستوقع اتفاقيات التطبيع مع الكيان الصهيوني بالغ الخطورة على امنها واستقلالها واستقرارها واقتصادها دون ادنى فائدة تذكر تعود عليها وعلى شعوبها ..فتكون هذة الحكومات قد قدمت امنها واقتصادها واستقرارها وسيادتها على طبق من ذهب لكيان لا يمكن له ان يكون سوى عدو لها حاضرا ومستقبلا …
لذا لن الوم من طبع ومن يريد ان يلتحق بقطار التطبيع مع الكيان الصهيوني دون حلٍ للقضية الفلسطينية يكون حلا مقبولا وفق القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية التي مثلت الحد الأدنى للتوافق والتضامن العربي لأجل احلال السلام وانهاء الصراع العربي الصهيوني .. لأن ذلك يمثل طعنة للدول ذاتها ولشعوبها ولمصالحها المادية والمعنوية المختلفة ولروحها الوطنية والقومية والدينية والإنسانية قبل ان يمثل طعنة للموقف العربي وللشعب الفلسطيني …تماما كما يمثل مكافأة و انحيازا لصالح المجرم وتخلٍ من قبلها عن الإلتزام بالدفاع عن الضحية وانحيازا لإرهاب الدولة المارقة .. وسياساتها العنصرية والتوسعية ومجافاته لقواعد القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية… !
رغم هذة المواقف وسوء هذة الإتفاقيات وسلبياتها ومضارها ، والتي يعارضها ويرفضها الشعب الفلسطيني لما تمثله من مسٍ وتخلٍ غير مسبوق عن مؤازرته ودعمه في نضاله المشروع من أجل استرداد حقوقه المشروعة كما ترفضها شعوب الأمة العربية وكافة الدول والشعوب الحرة … نقول ان ارادة الشعب الفلسطيني لن تنكسر امام هذا الإنهيار في مواقف البعض ولن يهنأ الكيان الصهيوني بالأمن والإستقرار والسلام المنشود في ظل استمرار تنكره للقضية الفلسطينية التي تمثل التحدي الوجودي له، وإن التأخر في حلها والإقرار بكامل الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني سيزيد ويعمق ازمته الوجودية التي لن يكون حلها بالقفز عنها وتوقيع اتفاقيات التطبيع المتوالية مع الحكومات العربية المختلفة، التي ليس بيدها صنع الأمن والسلام لهذا الكيان الغاصب وإنما هو بيد صاحب القضية هو الشعب الفلسطيني وحده شاء من شاء وأبى من أبى ..وستبقى فلسطين قضية شعوب الأمة العربية والإسلامية على إختلافها .. التي لم تَعد كثير من مواقف وقرارت حكوماتها ل تعبر عن حقيقة مواقفها من القضية والصراع .
لذا فليطبع من يطبع ولن الومه على ذلك وسيجد ما سيجد من ضرر و خسران فادح وسيكون نادما على مواقفه وقراراته التطبيعية ولكن بعد فوات الأوان ، ولن يضر فلسطين وشعبها الصامد في وطنه كما في مخيماته في الشتات ، فالوطنية الفلسطينية باتت عصية على التراجع عن اهدافها الوطنية كما عصية على الطمس والإنكسار..!
د. عبدالرحيم جاموس

24/10/2020م
Pcommety@hot mail.com

عن abdullah

شاهد أيضاً

أمريكا وإدماج ” إسرائيل “…. قوة للسعودية …. ام إستهداف لها ولفلسطين ؟

أمريكا وإدماج ” إسرائيل “…. قوة للسعودية …. ام إستهداف لها ولفلسطين ؟ بقلم / …