لن نكون أحرارا ولا وطنيين إلا إذا …!!

لن نكون أحرارا ولا وطنيين إلا إذا …!!

بقلم / موفّق مطر…

الأحد 2020/11/1 شبكة فلسطين المستقبل …

لا ينظر المناضلون في إطار حركة التحرر الوطنية الفلسطينية– أيّا كانت مواقعهم – إلى القضايا الوطنية بمنظار المكسب من الآخر في الوطن، ولا يقيسون إنجازاتهم بمعيار الربح والخسارة المادية أو بتعداد الأصوات في صناديق الانتخابات، وإنما بمنظار الانسجام ما بين المبادئ والسلوك السياسي، وبمعيار المصالح الوطنية العامة للشعب الفلسطيني، ومدى قدرتهم على تقريب المسافة ما بين الشعب والهدف النهائي التحرر والاستقلال .. لذا فإن الوطنيين المخلصين الصادقين الأوفياء للقسم تراهم يستميتون من أجل الحفاظ على مقومات ديمومة الوحدة الوطنية للشعب الفلسطيني لأنها سلاح الدفاع المثالي الذي لا قدرة لأسلحة الحرب الأحدث على تدميرها حتى لو عكف على تطويرها واستخدامها خبراء وعلماء التكنولوجيا العسكرية، فالوطني الفلسطيني الذي أقسم على الولاء والانتماء لفلسطين والعمل على تحريرها يدرك سلفًا أن مقتلة الوحدة الوطنية، وتشظية الشعب لفلسطيني إلى فئات متناحرة متصارعة على السلطة تكمن في عملية زحزحة الصراع الرئيس مع الاحتلال الاستعماري الاستيطاني العنصري جانبًا، وتقديم الخلافات الثانوية لتحل مكانه فترتاح جبهات الاحتلال، فيما عيونه تراقب انفجار ألغامه التي زرعها في مياديننا في كل المستويات والاتجاهات بعد تغليفها بشعارات براقة تدغدغ المشاعر والعواطف الدينية والوطنية، وتوهم البعض أنها متوافقة مع مفاهيمهم ورؤاهم وتصوراتهم النظرية للمجتمع !!. لكنها سرعان ما تنفجر عند أول احتكاك.

المناضل في حركة التحرر الوطنية يعلم جيدًا أن العمل الكفاحي والمواجهة الميدانية مع النقيض الرئيس (الاحتلال الاستيطاني العنصري) تحتمل المد والجزر، أي التقدم وتحقيق انجازات، كما تحتمل تكتيك الانسحاب أو حتى خسارة موقع أو أكثر، لكن العمل النضالي الوطني اليومي بين جماهير الشعب الفلسطيني فإنها لا تحتمل إصابة، أو جرح أو حتى انكفاء بمقدار خطوة بعيدًا عن الهدف، أو تناقضا مع المبادئ، ذلك أن إصابة وجرح الآخر الوطني تعني جرحه في شرفه وكرامته الشخصية، والتشكيك بإخلاصه وصدقه في العمل من أجل الوطن، وتعني أيضا اتهامه زورًا وبهتانًا بالانحراف القيمي والأخلاقي، وهنا يكمن الفارق بين إصابات أو جراح تأتينا من جبهة الاحتلال حتى لو كانت عمليات قتل، وبين إصابات وجراح الصراعات الداخلية، فهذه تصيب الدماغ والقلب الوطني مباشرة بالنزيف مهما كانت درجتها فنطيح إلى أخطر اللحظات ما بين الحياة والموت، وقد لا ينقذنا إلا القدر، أما تلك التي تأتينا من الاحتلال فإنها تقوينا، وشجرة الإنسان عندنا لا تنقطع أبداً، فهم كلما (قتلوا) أي قطعوا جذعًا فإن جذور إنسان هذه الأرض ستنبت اقوى من جديد.

نحن الآن في ذروة الامتحان الوطني، فإما نجاح بالانتماء الوطني، وتكريس الوحدة الوطنية، لنفاخر العالم بأنها منهج حياتنا وديمومتنا وثقافتنا وعقيدتنا السياسية، أو سقوط مريع يعمل على تعجيله الذين يخططون ويعملون ويسعون في الليل والنهار على إنهاء وجودنا، ويتمنون لو أن الطبيعة تجرفنا بتسونامي أو تدمرنا بزلزال عظيم، بعد أن ثبت لهم أن وطنيتنا كانت عصية على أسلحتهم، وإن جرائمهم زادتنا صلابة ولم ترهبنا ولم تردعنا ولم تهزمنا.

المناضل الوطني في حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح يعتقد أن التحرر مرتبط بتحرير الإنسان الفلسطيني من كل الانتماءات الدنيا، والارتقاء به ومعه إلى الانتماء الأسمى والأعلى، ويعتقد أيضًا أن التعصب الحزبي والعمل على إعلاء مصالح فئوية جهوية، عشائرية، طائفية، أو لجماعات ذات جذور تستمد تعاميمها من جماعات خارج حدود الوطن هي كلها بمثابة فايروسات قاتلة تسمم دماء الوطنية، ويعتقد أيضًا أن استرجاع المضللين، وتصويب مسار التائهين نحو دار وديرة العائلة الوطنية الفلسطينية المقدسة نصر للشعب الفلسطيني، كالنصر الذي وضع كهدف للثورة منذ انطلاقتها في أول يوم من العام 1965، وفي هذا التلازم ما بين مسارات الكفاح والنضال على الجبهتين يؤكد ويثبت المناضل أنه ينتمي فعلا إلى حركة تحرر وطنية فلسطينية، فالوطنية والانتصار لفكر التحرر يتطلبان اصرارًا على منع فرص تسرب الآخر الوطني ما استطعنا الى ذلك سبيلا دون كلل أو ملل ولا مكان لفكرة التسليم بالأمر الواقع لدينا، حتى لو كنا على يقين بحاجتنا إلى معجزة لتحقيق ذلك، فنحن لن نكون أحرارًا ولا وطنيين إلا إذا منعنا اختراق الاحتلال لقلعة الوحدة الوطنية، ومنعنا الذي يهمهم البقاء على قيد الحياة الذاتية الحزبية حتى لو فنيت مصالح الشعب الفلسطيني وانهارت أعمدة بنيانه السياسية، وطويت ملفات قضيته ورميت في النار، سنعلمهم تجاربنا بأن التعلق بحبال وهم تمدها إليهم قوى إقليمية ودول من الخارج لن ينجيهم، وأن النجاة في تبصر الواقع ورؤية المستقبل بعيون الشعب والتفكير للتحرر منه بعقل وطني خالص.

عن abdullah

شاهد أيضاً

أمريكا وإدماج ” إسرائيل “…. قوة للسعودية …. ام إستهداف لها ولفلسطين ؟

أمريكا وإدماج ” إسرائيل “…. قوة للسعودية …. ام إستهداف لها ولفلسطين ؟ بقلم / …