هل من توقف و مراجعة لمسيرة التطبيع مع المستعمرة الإسرائيلية ..؟!

هل من توقف و مراجعة لمسيرة التطبيع مع المستعمرة الإسرائيلية ..؟!


بقلم د. عبدالرحيم جاموس …

الرياض 2020/11/6 شبكة فلسطين المستقبل …

التطبيع مصطلح كريه ادخل الى اللغة العربية للتعبير عن إقامة علاقات من دول عربية سيدة مع كيان المستعمرة الإسرائيليةالمقامة على ارض اقليم فلسطين منذ العام1948م ، علما أن هذا المصطلح المصطنع لم يكن مصطلحا من مصطلحات علم السياسة في اللغة والثقافة العربية وإنما هو مصطلح قد دخل اللغة العربية اصلا من خلال علوم الحيوان فهو يختص بتدريب الإنسان لبعض الحيوانات التي يربيها الإنسان لإستخداماته ..فهناك تربية و ترويض ومن ثم تطبيع لبعض اصناف من هذة الحيوانات كي يسهل تعويدها على الإستخدامات المختلفة لها من قبل الإنسان ..!
لكن ( مصطلح التطبيع ) او التتبيع قد تم اقحامه قصرا في قاموس مصطلحات الصراع العربي الإسرائيلي كنقيض لبعض المصطلحات السياسية التي كانت مسيطرة لردح طويل من الزمن والتي كانت تعبر عن مواقف العرب ودولهم المختلفة من الصراع مع كيان الإستعمار الإسرائيلي ومن ابرزها اللاءات العربية الثلاث التي صدرت عن القمة العربية المنعقدة في العاصمة السودانية بُعيدَ نكسة حزيران1967م (لا صلح ولا اعتراف ولا مفاوضات) دون ازالة آثار العدوان ويقصد بذلك عدوان حزيران1967…لكن هذة المصطلحات لم تصمد طويلا امام الضغوط التي مورست على مواقف الدول العربية سواء من خلال هيئة الأمم المتحدة وغيرها من التنظيمات الدولية وكذلك من خلال ضغوط الدول الكبرى الدائمة العضوية في محلس الأمن الدولي من أجل العمل على استبعاد الحلول العسكرية لهذا الصراع العربي الإسرائيلي وفرض آلية سلمية لحله بواسطة المفاوضات المباشرة من قبل الدول العربية مع كيان المستعمرة الإسرائيلية ، فقد قبل العرب فكرة الحل السلمي بداية عبر المفاوضات غير المباشرة مع الكيان الصهيوني سواء بإشراف الأممم المتحدة او بواسطة الدول الوسيطة وتتقدمها الولايات المتحدة ، ولكن عقب حرب اوكتوبر تشرين الثاني رضخت بعض الدول العربية الى مبدأ المفاوضات المباشرة على جبهتي الصراع المصرية والسورية فيما عرف بداية بمفاوضات فك الإشتباك ومفاوضات الكيلو101، ومن ثم جرى التطويع للموقف العربي لفكرة عقد مؤتمر دولي للسلام برعاية الأمم المتحدة والدول الكبرى .. إلا ان تعنت المستعمرة الإسرائيلية والدعم الكامل لموقفها الرافض لمبدأ المفاوضات غير المباشرة من قبل الولايات المتحدة قد افشل فكرة المؤتمر الدولي في سبعينات القرن الماضي ( مؤتمر جنيف للسلام ) والذي كان مخططا له الإنعقاد في العام1975م … وتم الرضوخ لمبدأ المفاوضات المباشرة الذي تبنته الديبلوماسية الإسرائيلية الأمريكية لاحقا، حيث جاء ترتيب زيارة الرئيس المصري انور السادات للقدس في عام1977م والقاء خطابه الشهير امام البرلمان الإسرائيلي(الكينيست) عارضا عليه مواقفة لإنهاء الصراع واقامة علاقات ديبلوماسية كاملة معه ىليفح الباب امام المفاوضات المباشرة وبالفعل فقد تمخضت هذة الزيارة عن اطلاق مفاوضات مصرية اسرائيلية مباشرة بالرعاية الأمريكية .. نتج عنها توقيع اتفاق كامب ديفيد المصري الإسرائيلي للسلام والذي قوبل بالرفض العربي وقطع العديد من الدول العربية لعلاقاتها مع مصر ونقل مقر الجامعة العربية من مصر الى تونس .. واعتباره حلا انفراديا لما يمثله من انكسار لموقف الديبلوماسية العربية الجماعي من الصراع وتهميش لجوهر الصراع وهو حل القضية الفلسطينية … ومثل هذا الإتفاق الحلقة الأولى من حلقات انهيار الموقف العربي من الصراع وبدء العلاقات والإعتراف المتبادل بين كيان المستعمرة الإسرائيلية والدول العربية ..دون حل القضية الفلسطينية التي تمثل جوهر الصراع …
وبعد حرب الخليج الثانية وفي تشرين اول اوكتوبر من عام 1991 تمكنت الديبلوماسية الأمريكية من تنظيم وعقد مؤتمر مدريد الدولي للسلام على أساس مبدأ الارض مقابل السلام والسعي الى تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم242 لسنة1967 م و بمشاركة دولية وعربية واسعة وهيمنة امريكية شبه كاملة عليه من فرض مفاوضات مباشرة ثنائية وجماعية على طرفي او اطراف الصراع لإنهائه…
نتج عنه توقيع اتفاق اطار اولي مرحلي بين منظمة التحرير الفلسطينية وكيان المستعمرة اسرائيلية ( عرف بإتفاق اوسلو ) في واشنطن في13/9/1993م بهدف اقامة حكم ذاتي فلسطيني محدود زمانيا لمدة خمس سنوات ومحدود جغرافيا على قطاع غزة و اجزاء من الضفة الفلسطينية ، على ان تبدا اعتبارا من السنة الثاتية من تطبيقه مفاوضات الوضع النهائي حول المواضيع الأساسية والجوهرية منها القدس والحدود واللاجئين والسيادة والمستوطنات والمياه .. قضايا الوضع النهائي …..الخ بهدف التوصل لإتفاق سلام فلسطيني اسرائيلي نهائي ، لكن اليمين الصهيوني الرافض لهذا الإتفاق مبدأيا والذي تمكن من السيطرة على الحكم بعد اغتيال رابين في عام1995 م قد انقلب على هذا الإتفاق وسعى لإفراغه من كافة مضامينه السياسية والقانونية وتحويل المؤقت فيه والمرحلي الى دائم وعدم الإلتزام بما يتوجب عليه فيه وبموجبه …
وامام فشل مفاوضات كامب ديفيد الفلسطينية الإسرائيلية في صيف عام2000م فقد انطلقت الإنتفاضة الفلسطينية مباشرة بعد الإستفزاز الذي قام به آرائيل شارون في28/09/200 م بزيارة الاقصى الشريف ، تعبيرا عن رفض الشعب الفلسطيني للرضوخ لإرادة المحتل وقد فرض اثناءها على الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات الحصار العسكري وحتى السياسي الى ان تم اغتياله سياسيا وجسديا في11/11/2004م ، وكان مؤتمر القمة العربي المنعقد في بيروت في مارس آذار من عام 2002م قد اقر مبادرة السلام العربية دعما للموقف الفلسطيني والعربي والتي اقترحها ولي العهد السعودي آن ذاك الامير عبدالله بن عبدالعزيز و التي تتضمن وتشترط الإنسحاب الإسرائيلي من الأراضي العربية المحتلة واقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران من عام1967م وعاصمتها القدس الشرقية وحل مشكلة اللاجئين وفق القرار 194لسنة1948م ، في مقابل ذلك أن تقوم الدول العربية بإقامة علاقات طبيعية مع ( اسرائيل)..
ورغم ما حظيت به المبادرة العربية من قبول فلسطيني وعربي ودولي إلا انها قوبلت بالرفض من الجانب الإسرئيلي .. وسعت الديبلوماسية الإسرائيلية الى قلب المباردة العربية للسلام رأسا على عقب وبمساندة الإدارة الأمريكية برآسة الرئيس دونالد ترامب… تمكنت من فرض التطبيع على عدد من الدول العربية لعلاقاتها مع اسرائيل دون التزام الأخيرة بمتطلبات مبادة السلام العربية … ذلك ما يمثل انهيارا غير مسبوق في مواقف بعض الدول العربية من الصراع العربي الإسرائيلي عامة ومن القضية الفلسطينية خاصة …
ذلك ما ادى الى تمادي سلطات الإحتلال في سياساتها التوسعية والإستطانية والعدوانية من قتل للفلسطينيين على الحواجز والطرقات واعتقالات تعسفية وضم ومصادرة المساحات الواسعة من الأراضي المحتلة و استمرار سياسة هدم المنازل وفرض الحصار وسياسات التجويع واحتجاز للأموال الفلسطينية بغرض كسر الإرادة الوطنية الفلسطينية واجبارها على التسليم بالإملاءات الصهيو امريكية التي تضمنتها مبادرة ترمب (صفقة القرن) ..التي قوبلت بالرفض الفلسطيني المطلق …
امام هذا الإستعصاء السياسي للتوصل الى حل عادل وفق القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية التي تتجاهلها حكومة المستعمرة الإسرائيلية ومعها الولايات المتحدة التي تخوض معركتها مباشرة و بنفسها لكسر الإرادة العربية والفلسطينية معا وتسويق رؤها الصهيو امريكية المنافية لقواعد القانون الدولي ولقرارات الشرعية الدولية بهدف تصفية القضية الفلسطينية واختزال عناصرها الجوهرية في الحرية والعودة والاستقلال ودمج الكيان الصهيوني في المحيط الغربي ..
امام هذا الواقع الصعب وتطوراته السلبية على م.ت.ف والشعب الفلسطيني اولا وعلى كافة الدول العربية الموقعة لإتفاقات السلا م مصر والأردن ثانيا كما على دول التطبيع الذي فرضته عليها ادارة الرئيس ترامب مؤخرا دون ثمنا يذكر مراجعة مواقفها من الصراع ووقف هرولة التطبيع وتجميد علاقاتها مع المستعمرة الإسرائيلية حتى تلتزم بما يتوجب عليها وفق القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية و العمل على حشد التأييد الدولي لمبادرة الرئيس الفلسطيني بالدعوة لعقد مؤتمر دولي للسلام يستند الى اسس عملية السلام ومبدأ الارض مقابل السلام وقواعد القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية ..
كما على الشعب الفلسطيني توحيد طاقاته ونظامه السياسي في اطار م . ت. ف والسلطة الوطنية وانهاء حالة الإنقلاب في قطاع غزة والإستعداد لإحداث تغييرات على الأرض عبر تصعيد المواجهة مع اجراءات الإحتلال شعبيا ورسميا، وطنيا وعربيا ودوليا حتى يرضخ كيان الإحتلال لإستحقاقات التسوية والسلام المقبول وفقه.
فهل تقدم الدول العربية على مراجعة مواقفها واعادة الإعتبار للموقف العربي من الصراع واعادة بناء الحاضنة العربية رسميا وشعبيا للقضية الفلسطينية..؟
وهل تتمكن القوى الفلسطينية من تحقيق وحدتها الوطنية وتوحيد مؤسساتها السلطوية والتمثيلية و إعادة بناء قواعدها الجماهيرية والشعبية من فصائل واحزاب ونقابات ومنظمات شعبية كي تواصل نضالها وتواجهة صلف الإحتلال واجراءته عبر انتفاضة شعبية جماهيرية واسعة وتصعيد لكافة اشكال النضال لإحدات تغييرات جوهرية على الأرض تدفع الإحتلال الى التسليم بالحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني …
لقد باتت المراجعة الشاملة ضرورية وبات الوضع الفلسطيني والعربي لا يحتمل التأجيل والتسويف والتأخير في هذا الموضوع ..!
لابد من سياسة فلسطينية وعربية موحدة ازاء سياسات و مواقف سلطات المستعمرة الإسرائيلية من مجمل عملية السلام المتوقفة .والتوقف عن تقديم المنح والعطايا المجانية له دون تنفيذ ما يتوجب عليه …
د. عبدالرحيم جاموسPcommety@hotmail.com

عن abdullah

شاهد أيضاً

أمريكا وإدماج ” إسرائيل “…. قوة للسعودية …. ام إستهداف لها ولفلسطين ؟

أمريكا وإدماج ” إسرائيل “…. قوة للسعودية …. ام إستهداف لها ولفلسطين ؟ بقلم / …