بيان صادر عن قيادة حركة فتح في لبنان في الذكرى آل 33 للإنتفاضة …

بيان صادر عن قيادة حركة فتح في لبنان في الذكرى آل 33 للإنتفاضة …

بيروت 2020/12/8 شبكة فلسطين المستقبل …
ـ الانتفاضة الأولى مشعل الثورة الفلسطينية ـ
يا جماهير شعبنا الفلسطيني في الداخل الفلسطيني، وفي كل أماكن اللجوء.
يا شرفاء العالم الذين تضامنتم وما زلتم مع قضيتنا الفلسطينية.
ونحن نحيي ذكرى الانتفاضة الأولى العام 8/12/1987، فإننا نسجِّل للأجيال وللتاريخ عظمةَ وعنفوان وإيمان شعبنا المطلق بالله وبحقوقه الوطنية والإسلامية، فجماهير شعبنا التي كانت ترزح تحت الاحتلال وجبروته الصهيوني لسنوات طويلة، استطاعت وفي أعقد الظروف أن تصنع ثورةً رائدةً تولَّدت منها هذه الانتفاضة الشعبية الشاملة التي أذهلت العالم، وجعلته يؤدي التحية لشعبنا العظيم، الذي كشف حقيقة هذا الكيان الصهيوني العنصري صاحب السلوك النازي المتميِّز بسفك دماء الأبرياء، والأطفال، والنساء في إطار سياسة تستهدف الوجود الفلسطيني على أرضه، والذي يقرُّ به كل العالم بأنَّ هذه الانتفاضة الشعبية الرائدة شغلت الإعلامَ الدولي والعربي والفلسطيني بعظمتها، وقدرتها على استقطاب جماهير الشعب الفلسطيني في الضفة وقطاع غزة واُلداخل الفلسطيني، وأصبحت جزءاً لا يتجزأ من الواقع اليومي، الذي حظي باهتمام كافة القطاعات الشعبية دون تمييز، وهذا ما جعل الاحتلال الصهيوني عاجزاً ومربكاً، لأنَّ وجهه الدموي والقبيح والمُشبع بالنازية لم يعد خافياً على أحد، ولأنَّ العالم الحرُ كان ينتصر باستمرار لهذا الشعب المكافح الذي شبَّهوا ثورتهُ بأنها أعنف من ثورة جنوب أفريقيا التي قادها مانديلا.
ونظراً للدور الحيوي الذي مارسه الشبيبة والأشبال والفتوة والمرأة من أبناء شعبنا، فقد سمَّى الشهيد أبو جهاد هذه الانتفاضة بانتفاضة جنرالات الحجارة، لأن الاعتماد في مقاومة الاحتلال على الحجر استطاع أن يحشر العدو الصهيوني في زاوية ضيقة، ويَظهرُ عاجزاً رغم امتلاكه الأسلحة النووية والذرية، والفِرق العسكرية المدرَّعة، والطائرات المدمِّرة.
ورغم أن الإعلام الأميركي والصهيوني قد استخدم كلَّ جبروته ووسائله الإعلامية، إلاَّ أنَّ التعاطف الدولي كان مع شعبنا، ومع أشبالنا جنرالات الحجارة، ومع القيادات الشابة التي عرفت كيف تستنفرُ قواها، وكيف تنظِّم صفوفها، وكيف تعبئ جماهيرها، لتكون الانتفاضة كتلة وطنية فلسطينية واحدة.
وهكذا أصبحت هذه التجربة الثورية عبارة عن مدرسة جديدة في النضال الفلسطيني.
لقد تميَّزت الانتفاضة الأولى العام 1987 بأنها أخذت طابع المقاومة الشعبية بمشاركة كافة القطاعات المدنية، وبرزت برامج العمل اليومي تتمحور حول الإضرابات، والتظاهرات، والاعتصامات، وإغلاق الطرق، وضرب مخططات الاحتلال الرامية إلى التطبيع التدريجي، وتدمير القيم الثقافية والاجتماعية لشعبنا، ولكنَّ قيادة الانتفاضة التي تتلمذت على يدي الشهيد القائد أبو جهاد الوزير كانت تسعى باستمرار لتكريس الواقع الوطني الفلسطيني، ومقاطعة دوائر الاحتلال المدنية، ومحاكِمه العسكرية، وهو الذي أدى في مراحل كثيرة إلى العصيان المدني الذي أقضَّ مضاجع الاحتلال.
صحيح أن هناك أسبابا مباشرة لاندلاع الانتفاضة الأولى، وهو تعمُّد شاحنة صهيونية ضربَ سيارتين تقلان عمالاً فلسطينيين عند حاجز إيرز في قطاع غزة يوم 8/12/1987، ولكن علينا أن لا ننسى بأن ممارسات الاحتلال النازية ضد الشعب الفلسطيني بعد العام 1967 خاصةً، كان له كبير الاثر في عملية الاحتقان التي ولَّدت أعظم انتفاضة وطنية شعبية في التاريخ النضالي لشعبنا، ومن هذه الممارسات الصهيونية الاعتقالات التي طالت اكثر من نصف مليون فلسطيني منذ الاحتلال، وسياسة هدم البيوت (ما يزيد على 1400بيتا) بين عامي 1967 و 1987، إضافة إلى التحكم بمصادر المياه في أراضينا، فالمستوطنون الصهاينة يستهلكون ما يزيد على (12) ضعفا مما يستهلكه الفلسطيني.
أضف إلى ذلك سياسة فرض الإقامات الجبرية، وإبعاد المواطنين عن أرضهم، وقد بلغ عدد هؤلاء بين 1967 و 1987 ما يقارب ألفي مواطن منهم 62 إمرأة. كما أن إجمالي الأراضي الفلسطينية المصادرة في الضفة خلال الفترة ذاتها نحو (2750290) دونماً أي ما يساوي 50.05% من إجمالي مساحة الضفة الغربية التي تبلغ 5.5مليون دونما. كما تم إنشاء 185 مستوطنة يقطنها 160 ألف مستوطن. أضف إلى ذلك العمل المتواصل على إلحاق الاقتصاد الفلسطيني بالإسرائيلي.
لقد تم تشكيل القيادة الوطنية الموحَّدة للانتفاضة بعد عدة أيام من اندلاعها، وصدر أول بيان يحمل اسم القيادة الوطنية الموحدة لتصعيد الانتفاضة في التاسع من كانون الثاني العام 1988.
وقد أصدرت هذه القيادة (97) بياناً منذ تشكيلها وحتى العام 1992، وكانت دائما ملتزمة بشعار ” لا صوت يعلو فوق صوت الانتفاضة، صوت منظمة التحرير الفلسطينية”، وكان من أهم انتاجات، الانتفاضة الأولى فلسطينياً إعلان إستقلال دولة فلسطين بتاريخ 15/11/1988، وعودة منظمة التحرير الفلسطينية إلى أرض الوطن المحتل العام 1994.
إن هذه الانتفاضة الأولى العارمة والحيوية قدمت 1204 شهيداً فلسطينياً، واكثر من 80 ألف جريح، إضافة إلى اكثر من عشرة آلاف معتقل،كما انخفض مستوى المعيشة آنذاك إلى35% بسبب الصدامات اليومية، وانهاك وتعطيل المؤسسات الاقتصادية، وانشغال المجتمع الفلسطيني برمته بمقاومة الاحتلال في أهم مفصل تاريخي من مفاصل الصراع ضد العدو الصهيوني.
من أبرز الأَحداث المؤلمة التي عاشتها الانتفاضة الأولى في بداياتها فقدان الأب الروحي لهذه، الانتفاضة، والذي أسس لها، ووضع قواعدها الثابتة وهو الشهيد القائد خليل الوزير أبو جهاد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، والذي كان يتابع العلاقات مع كافة حركات التحرر العالمية، ويؤمِّن لها ما تحتاجه لمواصلة كفاحها من أجل الحرية والاستقلال. وقد تم اغتياله في تونس العاصمة في منزله بعد استطلاعات تجسسية من قبل الموساد الصهيوني، وبعد حشد البواخر والطائرات، والعملاء لتنفيذ هذه العملية صباح يوم السبت في 16/4/1988 ، بعد اقتحام المبنى الذي كان يقيم فيه. واستشهد معه في المبنى الأرضي مرافقه الشهيد مصطفى عبد العال من مخيم البص، إضافة إلى السائق التونسي.
يا جماهير شعبنا في كل مكان تذكَّروا بأن هذه الانتفاضة المجيدة ليست حدثاً عابراً وانما كرَّست واقعاً ثورياُ ووطنياً، وتعلَّمنا منها العديد من الدروس والعِبَر، ومن أهم هذه الدروس:
أ‌- أن العمل الثوري الجماهيري ضد الاحتلال لا يفشل لأنه يمثِّلُ الإرادة الشعبية الوطنية والوجدانية.
ب‌- إن هذه الانتفاضة المباركة نجحت واستمرت حوالي خمس سنوات لأنها كانت محكومة بهيكلية تنظيمية، وتُحركها وتقودها لجان فاعلة ذات خبرة وتجربة اجتماعية ونضالية.
جـ- ولإنَّ حالة الاشتباك المتواصلة، والشاملة حسب البرنامج الموضوع والمتفق عليه كانت الانتفاضة تخضع لعملية تقييم يومية مركزية، وعلى ضوء التقييم تؤخذ كافة الإِجراءات العلاجية لتقويم المسيرة.
د- علينا أن نتذكَّر بأن الشهيد أبو جهاد الوزير وقبل انطلاقة الانتفاضة كان قد استقر في عمان بعد الاتفاق الأردني الفلسطيني، ومن هناك تواصل مع القوى والشرائح، والعائلات، والقيادات الشابة، وتدارس معهم عملية إنجاح الانتفاضة والمستلزمات الضرورية، وتصليب الإرادة، وتثبيت القناعات و ترسيخ المفاهيم التي سيقوم عليها العمل.
هـ- النجاح اليومي لعمل الانتفاضة كان يستند إلى آليات المعالجة الناضجة المتواصلة والمتكاملة. فجهاز القضاء ولجانه كان جاداً في عمله، وتنظيم الدروس من قبل اللجان التربوية كان أيضاً منتجاً كبديل عن المدارس التي كانت تُقفل أحياناً بل مراراً. وأيضاً اللجان الاجتماعية الإصلاحية كانت تتولى عملية إصلاح ذات البين. واللجان الصحية كانت تتابع القضايا العلاجية للجرحى وللمرضى في مختلف المستشفيات.
و- هذه التجربة الوطنية الناضجة والفعَّالة على كافة الأصعدة علينا الاستفادة منها، وأَخْذ العبر، ووضع الأسس السليمة والصحيحة للانتفاضة القادمة التي لا بد منها للوقوف بكل قوة أمام جبروت وهمجية الاحتلال، والاستيطان، والإجرام، والتهويد، والتهجير،ومهما كانت هذه الأشكال العدوانية شرسة ومدمِّرة فإنَّ الإدارة الوطنية، واللحمة الاجتماعية، والإدارة الحكيمة للصراع اليومي ضد العدو الذي يسعى إلى تصفية قضيتنا، وتهجير واقتلاع أهلنا سينتصر على كل أشكال العدوان، لأنَّ الوحدة الوطنية هي أقوى من كل أشكال التآمر والتصفيات، فنحن أبناء هذه الأرض المباركة، ونحن حماتها، والنصر لنا لأننا ما زلنا على العهد.
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار.
الحرية لأسرانا البواسل.
الشفاء لجرحانا المناضلين.
وإنها لثورة حتى النصر.
قيادة حركة فتح في لبنان
إعلام الساحة
8/12/2020

عن abdullah

شاهد أيضاً

أمريكا وإدماج ” إسرائيل “…. قوة للسعودية …. ام إستهداف لها ولفلسطين ؟

أمريكا وإدماج ” إسرائيل “…. قوة للسعودية …. ام إستهداف لها ولفلسطين ؟ بقلم / …