“45 عاماً مضوا كأنهم لحظات – اخر كلمات بين الأب والابن في تل الزعتر …..

“45 عاماً مضوا كأنهم لحظات – اخر كلمات بين الأب والابن في تل الزعتر …..

بقلم: خالد محمد عبادي ….

بيروت / شبكة فلسطين المستقبل الإخبارية ….

أذكر تماماً ساعاتنا الأخيرة اليتيمة، رأيتك بكامل سلاحك وبنطالك العسكري وكنزتك الخضراء والبسمة التي رسمتها لتخفف من رعبي عند الباب الشرقي لمعمل الزعتر، حيث أصبح القصف كالمطر، وسقوط المخيم وخروج المقاتلين على كل لسان، هي دقائق تركتني وحيداً لتذهب حيث إخوتي وأمي يختبئون على بعد أمتار، لتعود بعدها من دون أن نعرف أنه الوداع الأخير للأسرة.

منحتني بعده عدة دقائق حضنتني وأوصيتني أن أكون رجلاً و أنتبه لأمي وإخوتي وأسمع كلام عمي أبو علي، لم أعد أذكر هل جاوبتك أم تلعثمت، لكن أذكر تماماً بأني سألتك: أهذه بندقية جديدة؟
ضحكت وقلت نعم هي لصديق استبدلها لأن بندقيتي تعطلت، أطل رفيقك عبد الهادي من جهة معمل غره متجهاً نحونا، قبلتني و ذهبت إلى لا لقاء.

وبدأ ذلك الليل الطويل بالصعود نزولاً نحو الجلجلة التي أحتاج للكثير لكي أعرف كيف أكتبها، المهم انتهت بعد خروجنا من جهنم ساحة الدكوانة التي أمست كربلاء العصر التي دسنا خلالها على أجساد أحبائنا وأهلنا وجيراننا ورائحة الدماء كانت كثيرة، تركت يد من أمسكت من إخوتي الصغار كأني أريد العودة إليك لتحمينا لكن المسافات بعدت حتى أصبحت على بعد 45 عاماً.

وصلنا بعد رحلة عذاب تحتاج لكُتب لندونها، لكنها مدونه في القلب والعقل والروح، بدأت رحلة البحث وفي كُل يوم خبر جديد، منهم من قال و”أكد بأنك ورفاقك سلكت طريق الجبل مع آخر مجموعة من المخيم، ومنهم من جزم باستشهادك قرب محور سلاف ومنهم من رآك بغير ثياب و بلا سلاح على حاجز المتحف مع بعض رفاقك لم يروك أسيراً أو شهيداً هناك.

ما أذكره هو هذا اللقاء النادر منذ بداية الحصار الذي جعل الرجال مقاتلين حتى الشهادة أما بندقيتك التي فتنتني عرفت من رفيقك عبد الهادي أمد الله بعمره بأنها من صديقك أبو معذب رحمه الله أذكر تفاصيلها وأذكر آخر الدقائق التي ودعت بها أبي المبتسم وأنا أعرف عنوان واحد لك هو ضريح شهداء تل الزعتر في مقبرة شهداء فلسطين في بيروت.

يمكن صرخ من الألم من لسعة النار في الحشا، يمكن ضحك أو ابتسم أو انتشى، لكن أكيد أكيد مات موتة رجال.
رحم الله رجال سطروا أسطورة لن ننساها اسمها تل الزعتر.

عن abdullah

شاهد أيضاً

أمريكا وإدماج ” إسرائيل “…. قوة للسعودية …. ام إستهداف لها ولفلسطين ؟

أمريكا وإدماج ” إسرائيل “…. قوة للسعودية …. ام إستهداف لها ولفلسطين ؟ بقلم / …