مواقف عربية مثلومة

مواقف عربية مثلومة


بقلم – عمر حلمي الغول

رام الله 2020/8/16 – شبكة فلسطين المستقبل
مما لا شك فيه، ان الخطوة الإماراتية الخيانية شكلت ضربة قاسية للمنظومة السياسية الرسمية، وجاءت لتقصم ضهر البعير العربي، وتضع نهاية فعلية لمؤسسة الجامعة العربية، الإطار العربي الجامع منذ عام 1945، حتى لو بقيت كمنظومة إطارا هلاميا غير ذات جدوى. لإنها لم تبقِ ثابتا عربيا واحدا مشتركا، فلا دفاع عربي مشترك، ولا تكامل إقتصادي، ولا إعلامي، ولا تربوي، ولا سياسي وديبلوماسي ولا حتى رياضي. وأعتقد ان القضية الفلسطينية كانت العنوان الأبرز والقاسم المشترك الأساس الذي يجمع بين الدول الشقيقة، التي أسقطتها القيادة الإماراتية الحالية بزعامة محمد بن زايد بإعلانه التطبيع المجاني مع دولة الإستعمار الإسرائيلية.
وللأسف كان يمكن الرهان على بقاء ما يحفظ ماء الوجه العربي الرسمي لو ان بعض الأنظمة العربية لم تسارع للركض في متاهة التطبيع الخيانية، ولم تساند خطوة القيادة الإماراتية المهزومة والمرتهنة للحاكم بأمره في البيت الأبيض الأميركي. لكن عددا من الأنظمة دون حياء، وبالإتكاء على إتفاقات الخيانة التاريخية مع دولة الإستعمار الإسرائيلية، التي شكلت الخاصرة الضعيفة، والمؤصلة لقطار الهزيمة والإنتحار والإنحدارالعربي الرسمي، والخضوع الكامل للتبعية المطلقة لسياسات الولايات المتحدة بذريعة الدفاع عن المصالح القطرية لهذا البلد او ذاك، باعوا فلسطين وقضيتها في مزاد آسن وبأبخس الأثمان، وبالتلطي خلف أوراق توت مهترئة وممزقة عنوانها ” تجميد الضم”، إختزلوا القضية الفلسطينية في عنوان فرعي وتفصيلي؟!
وهي آخر إبتكارات بن زايد خاطف السلطة الإماراتية، الذي إدعى، أنه أراد بالتطبيع المجاني “منح الفلسطينيين بعض الوقت لإلتقاط انفاسهم، وترتيب شؤونهم” لتجاوز محنة “الضم”، بتعبير آخر تراجع حاكم الإمارات الفعلي عن “وقف الضم”، لإن نتنياهو رد عليه مباشرة، بعدم وقف الضم. ويعلم الإماراتي الرخيص، لإنه لا يمثل الشعب الإماراتي الشقيق والعزيز، ولا قواه الوطنية، ولا نخبه الثقافية والسياسية والإقتصادية، ان الفلسطينيين تمكنوا، ويستطيعوا من خلال نضالهم، وصمودهم التصدي لجريمة الضم ولصفقة العار الترامبية، دون ان يعني ذلك تخليهم أو تقليلهم من دور اشقائهم المساند. لكن بن زايد ومن خلفه كل البواقين الرسميين، الذين هللوا وكبروا للخطوة الجبانة، بإعتبارها “إنجازا غير مسبوق”، وهم يعلمون علم اليقين بينهم وبين انفسهم، ومع اقرانهم واسيادهم، انهم بالتهليل لخطوة محمد بن زايد، يدافعون عن عارهم، وخذلانهم، وتخليهم عن القضية العرب المركزية، وبيعها مجانا مقابل حماية كراسي حكمهم المهتزة.
وتوجب الضرورة التأكيد، ان القيادة الفلسطينية لا تنكر على اي حاكم، ونظام سياسي عربي الدفاع عن مصالحه، وحماية كرسي حكمه، وخلق حالة من التوازن بين مصالح بلده وبين الدفاع عن ثوابت الشعب العربي الفلسطيني وقضيته الوطنية، التي إستمرت على مدار العقود السبعة الماضية بمثابة قضية العرب المركزية، لكنهم الآن، وبتعبير ادق من زمن غير بسيط، وتحديدا بعد حرب الخليج الثانية، وهم يدحرجوا القضية الفلسطينية خطوة خطوة خلف ظهورهم وفق عملية جراحية قادتها الإدارات الأميركية المتعاقبة، وبشكل خاص إدارة ترامب الأفنجليكانية. مع ان الشعب الفلسطيني ومنذ أدرك هويته وشخصيته الوطنية والقومية منذ بدايات القرن العشرين، وهو يدفع الثمن دون توقف دفاعا عن كل الأشقاء العرب في المحطات المختلفة من تاريخ الصراع. وطبعا لا ينكر الشعب الفلسطيني وقيادته الشرعية ان الحكام العرب القوميين امثال الزعيم الخالد عبد الناصر والشهيد صدام حسين وغيرهم من حكام المغرب والمشرق العربي دافعوا عن قضية فلسطين، واعتبروها عن حق قضيتهم المركزية، ولم يساوموا عليها، إلى ان جاء التقعيريون المهزمون، واصحاب مقولة “ال 99% من اوراق الحل باليد الأميركية”، الذين حطموا ومزقوا وحدة الموقف العربي الجاد والمسؤول.
ومن موقع الحرص على العلاقات الفلسطينية العربية الشعبية والرسمية الأصيلة والمتمسكة بقضية فلسطين، ندعوا الجميع المؤمن بعدالة القضية العربية المركزية، التمسك بالموقف الداعم للقيادة والشعب الفلسطيني، وعدم تركهم لوحدهم في مواجهة الهجمة الصهيو أميركية المتغولة، وتوحيد الجهود، ومحاولة رأب الصدع في الجسد العربي الرسمي، وفي ذات الوقت توسيع وتعميق دائرة الفعل الشعبي العربي للقوى الوطنية والقومية والديمقراطية في كل الساحات دفاعا عن فلسطين وعن كفاحهم لبناء أنظمة عربية ديمقراطية، أكثر تعبيرا عن مصالح الشعوب الشقيقة. وقبل ذلك على القيادة الفلسطينية العمل بخطى حثيثة على ردم هوة الإنقلاب، وتوحيد الجهود الفلسطينية من خلال إعادة الإعتبار لوحدة الأرض والشعب والقضية والنظام السياسي التعددي الديمقراطي الفلسطيني، وتصعيد المقاومة الشعبية في كل الميادين والمجالات لحماية المشروع الوطني والثوابت الفلسطينية.
oalghoul@gmail.com
a.a.alrhman@gmail.com

عن abdullah

شاهد أيضاً

أمريكا وإدماج ” إسرائيل “…. قوة للسعودية …. ام إستهداف لها ولفلسطين ؟

أمريكا وإدماج ” إسرائيل “…. قوة للسعودية …. ام إستهداف لها ولفلسطين ؟ بقلم / …