*في لهيب الأرض المحروقة ،كيف يدافع الفلسطينيون عن القدس ؟*

*في لهيب الأرض المحروقة ،كيف يدافع الفلسطينيون عن القدس ؟*

بقلم: هيفاء داوود الأطرش .

بيروت / شبكة فلسطين المستقبل الإخبارية

بعد القرارات الأممية الخاصة بالقضية الفلسطينية، تأتي تصريحات الدول النافذة في عالم السياسة، لتكتفي بالتعبير عن قلقها تجاه الموقف الإسرائيلي، وكأن حالها يقول نحن عملنا واجبنا والباقي على الله، فواشنطن ما تزال تشعر بالقلق إزاء احتمال إخلاء عائلات من الشيخ جراح من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي.

أما الصين فتعبر عن قلقها عبر نائب مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة داي بينغ، والذي يصرح بأن الحالة الأمنية في الأراضي الفلسطينية المحتلة تبعث على القلق، فمنذ بداية هذا العام، تسببت عمليات “قوات الأمن” – حسب تعبيره- في الضفة الغربية في وقوع خسائر بشرية كبيرة في صفوف الفلسطينيين، كما يتصاعد العنف والهجمات من قبل المستوطنين الإسرائيليين، و بشكل متكرر.

ويستمر موقف الصين المتخذ شكل الناصح والناقد اللطيف، إذ يحث أيضاً جميع الأطراف على التزام الهدوء وضبط النفس، والامتناع عن الإجراءات التي قد تؤدي إلى مزيد من التصعيد، وتجنب إلحاق الأذى بالمدنيين، والعمل معًا على تهدئة الوضع، وأنه ينبغي على إسرائيل أن تفي بجدية بالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي، وأن تضمن سلامة سكان الأراضي المحتلة، وممتلكاتهم، وتحقق بدقة في الهجمات التي يشنها المستوطنون وحوادث العنف ضد المدنيين، وتقدم الجناة إلى العدالة.كما أشارنائب المندوب الدائم الصيني إلى أن الذكرى الخامسة لاعتماد قرار مجلس الأمن رقم 2334 بشأن الاستيطان، قد حلَّت وللأسف، لم يتم تنفيذ القرار بعد، حيث استمر توسع الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأوضح “مشكوًرا” أن الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة تنتهك القانون الدولي، وتعرض باستمرار فرص حل الدولتين للخطر، مضيفًا أن الصين تحث إسرائيل مجددًا على الالتزام بالقرار 2334، ووقف جميع الأنشطة الاستيطانية، والعودة إلى مسار حل الدولتين.

أمام كل تلك المواقف الدولية والاستحقاقات المشروعة الداعمة لحق الشعب الفلسطيني، والمُدينة لسياسات الاحتلال، فإن المؤسسة الإسرائيلية تـُصعــِّد في ممارستها لسياسة الأرض المحروقة، وبطريقة تفوق الوحشية، من قتلٍ بدمٍ بارد، وحرقٍ للأجساد، وتوسيع عمليات الاعتقال في مناطق الضفة الغربية ، وكذلك مصادرة الاراضي الزراعية الفلسطينية، وتوسيع المستوطنات، وتشديد الحصار على المسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي والكنائس بكل ما أوتي الاحتلال من وسائل همجية وعنصرية صارخة. فها هو الاحتلال يمنع الحراس الجدد من مزاولة عملهم في الأقصى، ويبعد الرموز المقدسية عن المسجد الأقصى، ويستمر في هدم المنازل كما حصل في نحالين وجبل المكبر في القدس، واقتلاع أشجار في منطقة ترقوميا، كما تم إقرار خطة لتوسيع مؤسسات استيطانية في القدس كما المجمع التجاري في المالحة وبناء 300 وحدة استيطانية جديدة، وكذلك إقرار المزيد من المشاريع الاستيطانية الضخمة، فقد أقرت “لجنة التخطيط والبناء” في بلدية الاحتلال خطة بناء برجين في مستوطنة “غيلو” جنوب القدس المحتلة، من 30 طابقًا، حيث سيتم تخصيص الوحدات الاستيطانية لخدمة الأزواج الجدد من اليهود، بهدف جذب المزيد من المستوطنين إلى المستوطنات في القدس المحتلة.

كما قامت قوات الاحتلال باستهداف مدينة الخليل، ضمن سياسة الأرض المحروقة، وجرفت أراضي زراعية جنوب الخليل، مما أدى إلى تلف كميات من الخضار، وزادت في اعتداءاتها ضد الفلسطينيين هناك واستولت على بسطات المزارعين، ومنعتهم من بيع محاصيلهم الزراعية.

كذلك امتدت نيران العنصرية الصهيونية إلى النقب، كما فعل المستوطنون والمستعربين الصهاينة من قيامهم بالتنكيل بأهالي قرية ترابين الصانع هناك.
وقد تصاعدت موجات الاعتداءات بأشكال متجددة، بهدف فرض واقع أسرلة وتهويد الأرض الفلسطينية وخاصةً القدس، ومن ذلك شهدنا مجموعات من المستوطنين تدربت على التنكر بملابس المسلمين وأداء صلاتهم، بهدف التمويه لدى اقتحامهم المسجد الأقصى، وأداء صلوات تلمودية فيه، وبهدف فرض تهويد الأقصى و إرباك المقدسيين والمصلين في المسجد الأقصى، والتخطيط لإلحاق الأذى بالفلسطينيين ليرتقي إلى ارتكاب الجرائم بحقهم كما الجرائم السابقة منذ بدء الاحتلال حتى الآن.

وقد كشفت تقرير عن استخدام سلطات الاحتلال لـ “حارس أملاك الغائبين”، لبناء أحياء استيطانية جديدة في أماكن متفرقة من المدينة المحتلة، حيث يعمل الاحتلال على بناء مستوطنة في حي الشيخ جراح وقرب باب العمود، إضافةً إلى مستوطنتين قرب بيت صفافا، ومستوطنتين في بيت حنينا وصور باهر، وأشار التقرير إلى أن أجزاء من هذه المستوطنات ستقام على عقارات فلسطينية سيتم تهجير أصحابها قريبًا، وأن مساحات أخرى تمت مصادرتها من قبل “حارس أملاك الغائبين” في السنوات الماضية.

أيضاً تتزايد الهجمة الممنهجة ضد الأسيرات والأسرى، كما أن الشتاء يضاعف معاناتهم ، فالبرودة شديدة للغاية كما في سجن النقب، لدرجة تصل أن أطراف المعتقلين تتجمد. علمًا أن عدد الأسرى بلغ حتى نهاية شهر تشرين الثاني قرابة 4550 أسيراً، من بينهم 32 أسيرة، و170 طفلاً قاصراً، و500 معتقل إداري.

إن الممارسات الإجرامية للاحتلال الإسرائيلي والتمادي فيها من انتهاكات صارخة للشرائع الدولية، لم تثنِ الفلسطينيين عن النضال والدفاع عن حقوقهم فها هم يتزنـَّرون بخيار المقاومة وبكافة أشكالها وبشكل متطرد مع ارتكاب الجرائم الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني. فقد اندلعت المواجهات مع قوات الاحتلال في جميع مناطق الضفة الغربية بما فيها القدس والخليل وقرى نابلس وجنين مثل برقة التي شهدت في الأيام الأخيرة إصابة قرابة 247 فلسطيني، منهم 48 بالرصاص المطاطي و 10 بالرصاص الحي و185 بالغاز المسيل للدموع ، وذلك حسب جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني بتاريخ 25 كانون الأول ومناطق التماس في قطاع غزة؛ كذلك شهدت الأراضي الفلسطنية مواجهات عسكرية في الضفة منذ هبة القدس الأخيرة حتى اليوم، بالإضافة إلى العمليات الفدائية ضد جنود الاحتلال والمستوطنين، دفاعاً عن أنفسهم . وفي القدس يقف الفلسطينيون صفًا واحدًا في وجه الآلة الإجرامية الإسرائيلية، حيث تتمسك كنائس وأوقاف القدس بالعهدة العمرية والعيش المشترك، فالكنائس في القدس وفي حملة غير مسبوقة ضد إسرائيل يقفون بقوة ويسمعون صوتهم للعالم ويصرح ممثليهم بأن الاحتلال الإسرائيلي يريد قلع المسيحيين من مدينة القدس، وقد حذروا من أن الجالية المسيحية قد تختفي من القدس بسبب العنف ضدهم من قبل اليهود والمنظمات الاستيطانية التي تحاول السيطرة على العقارات في الحي المسيحي، هذا ما أدى إلى انزعاج إسرائيلي من موقف مسيحيي فلسطين.

وفي سياق المواجهة الفلسطينية ضد الاحتلال وانتهاكاته، ودعم المقدسيين، فقد أطلق المجلس الفلسطيني للإسكان ووزارة شؤون القدس، ومكتب ممثل الاتحاد الأوروبي، مشروع تطوير ودعم الإسكان والبنية التحتية في مدينة القدس، بتمويل من الاتحاد الأوروبي، وسيستفيد من المشروع الذي سيستمر ثلاثة أعوام نحو 130 وحدة سكنية في القدس المحتلة، من بينها 90 مسكنًا لدعم البنية التحتية لذوي الدخل المحدود، و40 أخرى للأسر الفقيرة والمهمشة في المدينة، ومناطق “ج”، بتكلفة إجمالية 3 ملايين يورو.
كذلك ففي ساحة الحرية التي يشعل جذوتها أبطالنا وبطلاتنا في الأسر، تواصل الحركة الأسيرة في السجون، خطواتها الاحتجاجية والمتنوعة والفريدة المشرفة، وذلك رفضا للهجمة الممنهجة التي تشنها إدارة السّجون بحقّ الأسيرات والأسرى.

والمطلوب أمام كل تلك الجرائم المرتكبة ،توفير الحماية الدولية العاجلة لأبناء شعبنا جرّاء مواصلة الاحتلال ارتكاب جرائم حرب بحقه، فنحن أمام الاستحقاقات الوطنية الفلسطينية القادمة كعقد المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية ، وانتخابات المجالس البلدية في مرحلتها الثانية في آذار المقبل، وعلى كافة الأراضي الفلسطينية، وكذلك المؤتمر العام الثامن القادم لحركة فتح وموضوع الحوار الوطني، فإن كل تلك الخطوات تؤسس لإعادة تقوية الموقف الفلسطيني،وتعزيز مكانة منظمة التحرير، من أجل مواجهة المرحلة التي يسعى فيها الاحتلال الإسرائيلي وباقي أعداء الشعب الفلسطيني إلى تجييش وخلق فكرة القبول بيهودية الدولة بكافة السبل وعن طريق شخصيات من قلب المجتمع الفلسطيني في الأراضي المحتلة عام 1948، وإلى كسر الإرادة وفرض حلول للقضية الفلسطينية لا ترقى إلى السقف الوطني الفلسطيني.

عن abdullah

شاهد أيضاً

أمريكا وإدماج ” إسرائيل “…. قوة للسعودية …. ام إستهداف لها ولفلسطين ؟

أمريكا وإدماج ” إسرائيل “…. قوة للسعودية …. ام إستهداف لها ولفلسطين ؟ بقلم / …