كورونا في فلسطين وفرضية التعايش ؟؟

 

كورونا في فلسطين وفرضية التعايش ؟؟

بقلم : عبدالله نمر أبو الكاس ،،

غزة 2020/10/10 شبكة فلسطين المستقبل .

أسابيع قليلة يدخل العالم السنوية الأولى لانتشار فايروس كورونا المستجد أو ما بات يطلق عليه كوفيد 19 نسبة لأول ظهور له في أواخر العام 2019 في جمهورية الصين ، هذا الفايروس المجهول المصدر لحتى هذه اللحظة قد أطاح بدول عظمى وحطم إمبراطوريات إقتصادية ضخمة ،، وكشف عورات أنظمة صحية متقدمة ومتطورة ،، ولازال العالم يتخبط وفي حالة فقدان للسيطرة عليه ،، فالإصابات بعشرات الملايين والوفيات قاربت على المليون والنصف مليون والإحصائيات في تزايد كل دقيقة .

فالبحث عن مضاد أو لقاح مستمر على قدم وساق من قبل بعض الدول العظمى ،، وأصبح حلم وأمل الكثيرون من الشعوب لينتهي هذا الكابوس المزعج ،، فالسباق المحموم والتنافس مستمر بين هذه الدول لمن يسجل أولاً براءة اختراع أو إكتشاف مصل لهذا الفايروس الذي طال أغلب دول المعمورة وفرض واقعا جديدا عليهم ،، وشل أركان وأنماط الحياة فيها ,, مع العلم أن بعض الدول قد أعلنت عن توصلها لعقار كروسيا ، وتركيا ، وأمريكا ودول أخرى ،، ولكن ذلك لازال طور التجارب والإختبارات ، ولحتى اللحظة وبشكل رسمي لم يعتمد أي منها من قبل منظمة الصحة العالمية ويمكن أن نحتاج شهور أخرى لتثبت هذه الأمصال فعاليتها .

منذ ظهور هذا الفايروس أواخر عام 2019 سمعنا الكثير من الإشاعات التي لا نعلم مدى حقيقتها و التي اعتبرت هذا الفايروس من نظريات المؤامرة التي تحاك في العالم ,, وأنه ليس طبيعي وقد يكون مصنع في مختبرات ومعامل بيولوجية لتطوير سلاح بيولوجي في الحرب بين أمريكا والصين والكثير من التكهنات والتخمينات حول هذا الفايروس متواصلة ليومنا هذا ،،
كما أن الإتهامات أيضاً لازالت متبادلة حول مصدر الفايروس ,, فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب يعتبر أن هذا الفايروس هو منتج صيني , وفي كل محفل عندما يتطرق لوباء كورونا ينعته بالفايروس الصيني ،، وكذلك مسؤولون صينيين عبر المواقع يتهموا أمريكا بأنها من يقف وراء هذا الفايروس ، وكل ذلك في إطار صراع المنافسة الإقتصادية و السيطرة على العالم .

بعد إنتشار الوباء وتفشيه في أغلب الدول وفي إطار مكافحة هذا الفايروس خلصت بعض الدول ومنظمة الصحة العالمية إلا أن الفايروس سيستمر لفترة طويلة لحين إيجاد اللقاح المناسب له ,, والحل الأنجع لمواجهته يعتمد أكثر على وعي الشعوب والتزامها بالتعليمات الصادرة من منظمة الصحة وحكومات الدول التي أصابها الفايروس ،، وبعض الدول فرضت اغلاقات وعطلت المؤسسات والجامعات والمدارس والمرافق العامة واتبعوا سبل الوقاية من تباعد ونظافة وتعقيم وتجنب المصافحة والحث على لبس الكمامة وما شابه , وبعض الدول حاولت أن تستخدم أسلوب مناعة القطيع والبعض اعتمد على الفصل وعزل مدن بأكلمها ,, فلاشك أن هذه الإجراءات الوقائية والتدابير الاحترازية كان لها دور كبير في الحد من تفشيه وشبه سيطرة عليه في دول كالصين ، فوعي الشعوب وإدراكهم لخطورة الفايروس مهم لما للوعي من دور أساسي في محاصرته في بعض الدول ،، وإستهتار دول أخرى أودى بها إلى الهلاك وعادت للمربع الأول من جديد .

دولة فلسطين كبقية دول العالم كان لها نصيب من هذا الفايروس الذي ضربها في آذار الماضي ويسجل لفلسطين أنها أبلت بلاءً حسناً في تعاملها مع الجائحة العالمية ,, حيث ولاشك أنها إستفادت واستخلصت الدروس من الدول التي سبقتها بالإصابات ,, فمنذ اللحظة الأولى لدخول الفايروس ودخل الضفة الغربية في مدينة بيت لحم عبر بعض السياح الأجانب أخذت القيادة الفلسطينية والحكومة الموضوع على محمل الجد وأعلنت حالة الطوارئ وفرضت إغلاقات وعطلت كل المؤسسات التعليمية والمرافق العامة ومنعت التجمعات وفرضت الحجر المنزلي على العمال العائدين من داخل الخط الأخضر ،، وقد كان لهذه الاجراءات دور إيجابي وحدت كثيراً من تفشي الكورونا ولا زالت مستمرة في إجراءاتها بالرغم مما يواجها من عقبات وتحديات كثيرة منها الإحتلال الإسرائيلي والحواجز والعمال العائدين من داخل الخط الأخضر ومنعها من الوصول إلى بعض المناطق في مدينة القدس المحتلة , بالإضافة إلى تراخي المواطنين وعدم إلتزامهم بالتعليمات الحكومية وإتخاذ كافة الإحتياطات والتدابير اللازمة لمنع إنتشاره أكثر فأكثر ..

وفي قطاع غزة الشق الأخر من الوطن وإن إستفادت دولة فلسطين من الدول التي سبقتها بإنتشار الفايروس فغزة هاشم أخذت أيضاً الاجراءات الوقائية قبل دخول الوباء وإستفادت من تجربة الحكومة وأدائها المتميز في الضفة الغربية والذي أشادت به منظمة الصحة العالمية وبعض دول المنطقة فكانت هناك إجراءات صارمة على المعابر لأن هذه المعابر هي المنافذ الوحيدة للقطاع تحديداً معبر رفح البري ومعبر بيت حانون إيرز ،، واستمرت الاجراءات في غزة وقد تأخر دخول الفايروس إلى القطاع لأكثر من خمسة شهور بفعل هذه الاجراءات إلا أنه ورغم الإحتياطات إستطاع أن يتسلل ويدخل للقطاع وإلى الجمهور عدا عن ذلك بعض الإصابات داخل مراكز الحجر المخصصة للعائدين من الخارج في السابق ،، وفور دخوله فرض إغلاق كامل للقطاع ومنع للحركة وتعطيل كل المؤسسات التعليمية والمدارس والجامعات والمساجد وإغلاق الأسواق وصالات الأفراح وبيوت العزاء ومنع كل أشكال التجمعات لمحاولة السيطرة على الوباء ومعرفة بداية الإنتشار ولكسر السلسلة الوبائية إلا أن صعوبات كثيرة حالت دون ذلك فمنذ تاريخ 25/8/2020 ولحتى تاريخه قطاع غزة يرزح تحت وطأة الفايروس وتسجل عدد من الإصابات اليومية والوفيات بسبب إصابة بعض كبار السن وبعض المرضى المزمنين ، ولا زالت الأمور مقلقة في غزة بسبب تهاون البعض .

إن المتابع لموضوع فايروس كورونا وحسب توجيهات منظمة الصحة العالمية ومتابعتها لأخر التطورات لهذا الفايروس وبقراءة المعطيات الموجودة عالمياً والإرتفاع المتزايد في عدد الوفيات والإصابات وفي دول متقدمة يتيقن بما لا يدع مجالاً للشك ،، بأن الفايروس سيبقى معنا فترة أطول لحين وجود لقاح فعال يقر من منظمة الصحة العالمية ,, ومع التحذيرات أيضاً في فلسطين من جولات جديدة لهذا الفايروس خاصة وأننا مقبلون على فصل الشتاء وهو موسم إنتشار الفلونزا العادية والفايروسات بشكل عام ,, فلذلك يتطلب من المواطنين تحمل المسؤلية المشتركة مع جهات الإختصاص والحكومة ، وأخذ الموضوع على محمل الجد ، فلا مجال للتراخي أو الإستهتار ، حتى وإن كانت الحكومة تقوم بواجباتها فالمواطن أيضاَ يجب أن يتسلح بسياسة الوعي في مواجهة هذا الوباء ،، فالإغلاقات لن تستمر طويلاً حتى مع استمرار انتشار الفايروس ،، وعجلة الحياة إن تعطلت قليلاً فستعود للسير من جديد عاجلاً أم أجلاً ،، فيقع على عاتق المواطن أكثر مما يقع على عاتق الحكومة ,, ولا يعني ذلك أن نعود للحياة كما قبل دخول الفايروس لفلسطين ، بل علينا جميعا أن نتعامل مع هذا الفايروس ومكافحته مسؤلية جماعية .

فسيناريو التعايش المفترض لن ينجح إلا بالوعي وتحمل المسؤولية الفردية أولا !! ويجب أن لا يفسر التعايش هو العودة لروتين الحياة بشكل طبيعي ما قبل ظهور الفايروس !! كما أن التعايش الصحيح سيعمل على الحد من تفشيه ، ويمكن أن يتم القضاء عليه بالكامل !! مع الأخذ بعين الإعتبار أن التهاون في العودة التدريجية للحياة في فلسطين يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الأمور أكثر ، ونصل إلى وضع أخطر مما نحن عليه الأن ويقع ما لا يحمد عقباه من فقدان للسيطرة !! فليكن ما حصل في دول العالم ماثلا أمامنا ، ونموذجا حيا نستفيد منه قدر الإمكان وكفى لفلسطين ولشعبها مما تعانيه من وباء الإحتلال واليوم وباء كورونا .

عن abdullah

شاهد أيضاً

أمريكا وإدماج ” إسرائيل “…. قوة للسعودية …. ام إستهداف لها ولفلسطين ؟

أمريكا وإدماج ” إسرائيل “…. قوة للسعودية …. ام إستهداف لها ولفلسطين ؟ بقلم / …