متبرعة من حي الزيتون تطهو طعام الغلابا أم محمد .. نموذج للمرأة الفلسطينية التي تشعر بمسؤوليتها تجاه مجتمعها وتسعد بملئ بطون المحتاجين

غزة/ شبكة فلسطين المستقبل الإخبارية
هديل الغرباوي
سميرة أبو عمرة سيدة فلسطينية في العقد الرابع من العمر، مفعمة بالأمل والحياة، تجتهد لتزيين حياة البسطاء، ومساندة الغلابا، الذين لا يجدون قوت يومهم، ولا يسألون الناس إلحافا، تطل علينا من بين الأزقة الضيقة وأكواخ “الزينكو” بأحداق حالمة وروح نبيلة، تطرق الأبواب لتوفر قوت سواها، تشمر عن ساعديها لترسم ابتسامة ريانة على الشفاه اليابسة.
بدأ مشوار سميرة وكنيتها أم محمد، أثناء تحليقها في العالم الافتراضي “مواقع التواصل الاجتماعي”، حيث جالت في صفحة نسائية لسيدات كويتيات، نقلت إليهن الأوضاع الاقتصادية الصعبة في قطاع غزة، حيث بادرت بعض النسوة الكويتيات في طرح فكرة تمويلها بملغ متواضع لإطعام العائلات المحتاجة في حييها.
أم محمد التي تقطن حي الزيتون، شرقي مدينة غزة، تقول إنها تحصل على تبرعات بسيطة اسبوعياً من فاعلي الخير من خارج قطاع غزة، تعلو أو تنخفض عن الـ50 دولاراً بشكل طفيف، كما يصلها مبالغ زهيدة جداً من فاعلي خير من داخل قطاع غزة لمشروعها الإنساني، في حين أن تكلفة اليوم الواحد يتراوح من 40 إلى 50 دينار لإطعام من 25 إلى 30 أسرة فقيرة.
وتضيف أم محمد أن تعد الطعام للأسر المحتاجة ثلاثة أيام في الأسبوع من بينها يوم الجمعة، لكن ما يصلها من مال لا يغطي إطعام كافة الأسر المحتاجة، الأمر الذي يدفعها للبحث أكثر عن متبرعين وخيريين ليبقى مشروعها مستمراً في سد جزء يسير من رمق الأسر المحتاجة.
أنامل رقيقة وأفواه جائعة
أم محمد تقول إن الفقراء والمحتاجين لهم الحق في تناول وجبات صحية ومتنوعة لتحسين صحتهم ودرأ الأمراض عنهم، وأن أي تبرع ولو بسيط لمشروعها يسهم في استمراريته وتطوره، ليشمل احتياجات الأسر الفقيرة الأخرى كالملابس وغيرها من مستلزمات الحياة، فالفقير أو المحتاج لا تنتهي مشكلته فقط بالطعام إنما لديه الكثير من الاحتياجات والمتطلبات.
“عندما استيقظ فجراً، أشعر وكأن جنود الله تساعدني لإعداد وجبات الطعام للفقراء، أنجز أعمالي اليومية بترتيب منزلي وتلبية احتياجات أطفالي، ومن ثم أبدأ بتحضير وجبات الطعام، فعدم وجود أحد يساعدني يجعل من مهمة إعداد الطعام وتجهيزيه للأسر الفقيرة رحلة صعبة ويجب أن تنتهي في وقت مبكر” كما توضح أم محمد.
تقول أم محمد ” أشعر بسعادة غامرة، وفرحة مطلقة، عندما انتهي من التحضير والإعداد، وأزداد فرحة عندما أرى ابتسامة الأطفال الفقراء وهم يأخذون الوجبات مني، على الرغم من التعب الشديد الذي أشعر به في توفيقي بين واجباتي الحياتية المعتادة وإعداد الطعام للبسطاء وذوي الحاجة، فسعادة الفقراء ودعواتهم لي تجعلني أستمر بهذا العمل الدؤوب”.
وتضيف ” ادخال البهجة والسرور على قلوب الفقراء انجاز لا يوصف، وادعو كل الناس للمساهمة في مساعدة الفقراء، ليشاركوني هذه الفرحة الغامرة والراحة النفسية الكبيرة التي اشعر بها عندما ترسم الابتسامة على وجوه الأطفال وعائلاتهم”.
تكافل في ظل واقع مرير
سميرة أبو عمرة قصة من القصص النبيلة لتحقيق التكافل الاجتماعي، في مجتمع انهكه الاحتلال والحصار والانقسام، فنحو 85% من سكان قطاع غزة يعيشون تحت خط الفقر، وزاد الأمر سوءاً جائحة كورونا، وذلك وفقاً لتقارير واحصاءات المرصد الأورومتوسط لحقوق الانسان.
مليوني انسان في قطاع غزة يعانون من واقع مرير، حيث يبلغ عدد العاطلين عن العمل حوالي 232 ألفا، وفق الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، بينما تشير بيانات غير رسمية أن عددهم يفوق 300 ألف، مع إضافة فئات أخرى من العاطلين عن العمل، غير مدرجين في مؤشر البطالة.
وبهذه الأعداد يكون نسبة البطالة في قطاع غزة وصلت إلى 49% في عام 2020، بعدما كانت 23.6% في 2005، لتكون بذلك أعلى نسبة بطالة على مستوى العالم، الأمر الذي يسترعي تحركاً عاجلاً لدعم الأسر الفقيرة سواءً رسمياً أو شعبياً.

 

عن Allam Obaid

الصحفي علام عبيد

شاهد أيضاً

صبرا وشاتيلا شاهدة على جرائم الاحتلال بقلم : سري القدوة

صبرا وشاتيلا شاهدة على جرائم الاحتلال بقلم : سري القدوة الشعب العربي الفلسطيني والعالم اجمع …