رشوة نتنياهو تعمق الفساد بقلم..عمر حلمي الغول


يمكن الجزم بإستنتاج علمي بشأن فشل تجربة نتنياهو في مواجهة جائحة الكورونا، وهو ما تؤكده التطورات الجارية في الساحة الإسرائيلية، حيث تتفاقم أعداد المصابين بالوباء، ويتلازم معها إرتفاع أعداد الوفيات، مما ادى إلى تعمق الأزمة الإقتصادية والإجتماعية، والقى بمئات الآلاف من العمال على قارعة طريق البطالة، وزاد من نسبة الركود الإقتصادي، ونتج عن ذلك إرتفاع منسوب السخط والغليان في اوساط الشارع الإسرائيلي ضد المقيم في شارع بلفور، وإنخفاض شعبيته وفق إستطلاعات الرأي الأخيرة.
هذا الوضع زاد من إرباك وتخبط بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء، ووضعه في موقف لا يحسد عليه، كونه يعيش وسط امواج متلاطمة من الأزمات، أزمة الضم، وأزمة العلاقة مع شركائه في الحكومة وخاصة حزب “مناعة إسرائيل”، وأزمته الداخلية في الليكود، ومع حلفائه في تكتل الحريديم واليمين المتطرف، وأزمته في مواجهة محكمة الجنائية الدولية وما سيصدر عنها من قرارات في تعقب ومحاكمة القيادات الإسرائيلية المتورطة في جرائم الحرب ضد ابناء الشعب العربي الفلسطيني. وحدث ولا حرج عن أُس الأزمات وهي قضايا الفساد، التي تلاحقه على مدار الساعة، وتقض مضاجعه، وتهز سارة في نومها، حتى بات الأرق يثقل نومها ونوم ابنائها … إلخ
الحاوي الملك يدنو من السقوط المريع في أقبية احدى الزنازين، مما افقده توازنه، وجعله يدور حول نفسه باحثا عن بصيص أمل بورقة جديدة تغطي على عوراته وازماته. فعاد مجددا لتوزيع المال على المواطنين، إسوة بما فعله في نيسان/ أبريل الماضي، وإذا كان التوزيع سابقا مستساغا، ومقبولا من ذوي الإختصاص الإسرائيليين، رغم كل الملاحظات على ما تم، إلآ ان الرشوة الحالية مرفوضة، وغير مقبولة، والتي اعلن عنها يوم الأربعاء الماضي الموافق 15/7/2020 عندما إهتدى إلى الخيار المفضوح، وقال انه سيتم صرف مبلغ 750 شيقل لكل مواطن، و3000 شيقل لكل عائلة دون تمييز بين الغني والفقير، وبين المقتدر وغير المقتدر، بين العاطل عن العمل، والعامل في وظيفته ومؤسسته ومصنعه وربط ذلك بموافقة الحكومة، وهو يعلم انه قادر على إنتزاع هكذا قرار، رغم إعتراض غانتس وأقرانه في الوزارة، وتمثل رفض رئيس الوزراء المناوب المشاركة في المؤتمر الصحفي، الذي عقده نتنياهو لهذا الغرض، وعقب قائلا: “ما اعلن عنه رئيس الوزراء يمثل إمعانا في “الشعبوية بدلًا من تقديم المساعدة الحقيقية” للمتضررين”. كما إعتراض المسؤولين من موظفي وزارة المالية بإستثناء الوزير الليكودي، يسرائيل كاتس.
ولم يأت القرار إعتباطيا، او نتاج جهل، ولم يكن قرارا متسرعا، انما جاء عن وعي كامل بمردوده الشخصي عليه، وعمل وفق المثل الشعبي القائل : “طعمي الفم تستحي العين.” نعم شاء بيبي من خلال الرشوة ومقدارها ستة مليارات شيقل ان يرشي المواطنين الإسرائيليين، لإستعادة الثقة المتراجعة والمنحدرة هبوطا متسارعا في شعبيته، وشعبية حزبه وكتلته اليمينية المانعة. وتعقيبا على ذلك، إعتبرت صحيفة “هارتس” مبادرة نتنياهو إنعكاس لحالة الإفلاس، و”تدل على ان المسؤولين في الحكومة فقدوا اعصابهم، وبدأوا بتوزيع الأموال بشكل عشوائي في محاولة للحد من الإستياء العام، والإحتقان المتصاع في اوساط المواطنين”.
ولحرف الأنظار عن جوهر الرشوة، التي عمقت الفساد في إسرائيل الإستعمارية، يجري التداول في اوساط اقران زعيم الليكود الفاسد، هل تتم الرشوة عبر البنوك مباشرة، او من خلال توزيع كوبانات على العائلات الإسرائيلية؟ بهدف طمس العنوان الأساسي للإعتراض على خيار الرشوة، وكونه يهدف إلى إغماض عيون الشارع عن مفاسده، ولتحسين شعبيته. لا سيما وان حكومته تعاني من اللاستقرار.
نتنياهو فقد الأهلية السياسية والأخلاقية منذ زمن بعيد، ولا هم لديه سوى ان يبقى متسيدا على كرسي الحكم، حتى لو كان على حساب الليكود وكتلة اليمين والإسرائيليين جميعا، وحتى لو ذهب لإنتخابات رابعة وخامسة، وحتى لو بدد كل اموال الدولة، وهدد الأمن والسلم الأهلي. الأمر الذي ضاعف من أزمة المشروع الصهيوني برمته، وراكم نوعيا من أزمة الدولة الإسرائيلية الإستعمارية، التي ولدت مشوهة ومنبوذة ومرفوضة، ووضع حولها الف علامة سؤال..
oalghoul@gmail.com
a.a.alrhman@gmail.com

عن admin

شاهد أيضاً

صبرا وشاتيلا شاهدة على جرائم الاحتلال بقلم : سري القدوة

صبرا وشاتيلا شاهدة على جرائم الاحتلال بقلم : سري القدوة الشعب العربي الفلسطيني والعالم اجمع …

اترك تعليقاً