أوسلو بين التفريط والإنجاز الوطني !

 

أوسلو بين التفريط والإنجاز الوطني !

الكاتب والمؤرخ / أ. عبدالله أبوشرخ 

غزة_ شبكة فلسطين المستقبل الإخبارية:-

للأسف فإن الحديث عن أوسلو يشبه السير في حقل من الألغام .. فأوسلو قبلت بولاية حكم إداري ذاتي على مناطق ” أ ” وسيادة مشتركة في مناطق ” ب ” وتركت لجرافات الاستطيان ترتع في مناطق ” ج ” .. نعم كل هذا واقع على الأرض .. ورغم كل هذه المرارة إلا أن أوسلو جاء معبرا عن إرادة دولية نافذة وليس معبرا عن طموحات وأحلام الشعب الفلسطيني الواسعة والعريضة !
فتعالوا إلى هذه الجولة لنشاهد مدى تعقيد الخريطة السياسية للشعب الفلسطيني حيث بدأت حماااس من حيث انتهت منظمة التحر/ير.
إن مراحل النضال الوطني قد تنقلت مع الجغرافيا بين طموح الثورة وممنوعات الأنظمة، من غزة إلى الأردن ثم لبنان .. الخلل البنيوي في فكر منظمة التحر/ير هو إنكار الثراء النوعي لتجربة العنف المسلح بوصفها تجربة تصادمت مع التوجهات الدولية فتم حصار المنظمة وقطع مواردها وتجويع مقاتليها واغتيال نشطائها وسفرائها في عواصم العالم .. وسأشرح المقصود بالثراء النوعي لتجربة الكفاح المسلح، حيث لم يكن هناك أي توافق بين مفهوم فصائل منظمة التحرير وبين ممنوعات ومسموحات النظام الدولي الذي تكاتف وتعاضد ضد خطف الطائرات وضد عملية ميونخ وفندق سافوي وعملية دلال .. الشعب الفلسطيني من جهته كان يسجل ردودا عنيفة على اعتبار أن إسرائيل كيان إرهابي قام على العنف والتطهير العرقي ولابد من اتباع نفس الشريعة ( العين بالعين والسن بالسن ) والباديء أظلم !!!
لكن فلسفة ” العين بالعين والسن بالسن ” تحتاج إلى ميزان قوة وهذا الميزان مختل بشدة لصالح دولة الاحتلال .. كانت المنظمات تسرح وتمرح في دول الاتحاد السوفييتي بطولها وعرضها وكانت تحصل على المنح الدراسية المجانية لكوادرها .. لكن شاء الحظ السيء أن يأتي اتفاق أوسلو متزامنا مع انهيار الاتحاد السوفييتي وضرب العراق .. مع انهيار الاتحاد السوفييتي وضرب العراق فقدت المنظمة أوراق قوتها وتضعضعت أعماقها الاستراتيجية وكانت الانتفاضة الأولى ما زالت مستمرة !!!
لقد قاتلت منظمة التحرير في غزة والأردن ولبنان وراهنت على عقد مؤتمر دولي برعاية متوازنة بين الشرق والغرب مع استمرار الفيتو الأمريكي على كل محاولة لمجلس الأمن لعقد جلسة استنكار لمذابح صبرا وشاتيلا .. لقد عاش قادة المنظمة بين فوهات البنادق وفي دخان المدافع وهدير الطائرات .. لكنهم لم يمتلكوا أي قدرة نقدية لتقويم تجربة الكفاح المسلح من الستينات وحتى خروج بيروت ثم إلى الانتفاضة الثانية المسلحة التي نسفت اتفاق أوسلو وأصبح الاحتلال في حل من التزامات المطار والممر الآمن بين الضفة وغزة !
قلنا أن ثمة خلل بنيوي في فكر المنظمة الذي لم ينفصل عن أمراض العقل السياسي العربي الذي لا يفكر إلا في الصدام الحربي وهو عاجز عنه في الواقع !!!
هذا الخلل في العقل العربي ليس فتح/اويا ولا جبه/اوي ولا حمس/اوي … بل خلل طال الجميع دون استنثاء ومن حيث انتهت المنظمة باتفاق أوسلو بدأت معارضة حماااس والجه/اد لإسقاط الاتفاق وليس لتحرير فلسطين !
الآن الكل الوطني والإسلامي خاض تجارب الصدام المسلح من الستينات وحتى 2014 أي ما يقرب من خمسين عاما ودع الشعب الفلسطيني خلالها قوافل من آلاف الشهداء وآلاف الأسرى وآلاف الجرحى، فيما تعطلت تلقائيا مهمات النمو العلمي والإبداع الصناعي والتقدم التكنولوجي، فتحطم الاقتصاد وأصبحنا من أكثر شعوب العالم ارتزاقا وتسولا للمساعدات ولم تنظر لا المنظمة ولا منافسيها بعين الاعتبار إلى معدلات الفقر والبطالة والانفجار السكاني والتخلف العلمي والاقتصادي ومطاردة المفكرين والنقاد، لدرجة أننا ندور في حلقات مفرغة فانتقلنا ومعنا دول الطوق من نكسة إلى هزيمة ومن مذبحة لمجزرة وتعطلت التنمية وصودر القرار الفلسطيني لصالح من يدفع من دول الإقليم، بينما كانت دولة الاحتلال تقطع مسافات فلكية في براءات الاختراع وتطوير التكنولوجيا وصناعة طائرات الرصد والاغتيال جنبا إلى جنب مع محاسبة الفاسدين والمرتشين من الوزراء والمسؤولين وهو ما خلق للأسف بنية ذهنية مفعمة بالعجز واليأس في فلسطين والعالم العربي !
لا حل الآن إلا بالتوحد خلف المشروع الوطني بشرط إرساء قواعد العمل الديمقراطي والشفافية في إدراة المال العام وفصل السلطات بقضاء مستقل وتشريع يقوده كفاءات علمية وقانونية وليس ثلة من الدراويش .. وآخر الكلام أن علينا التمييز جيدا بين الطموح والحلم من جهة والواقع من جهة أخرى، والواقع أن العالم منحنا حكما ذاتيا يمكن تطويره مع الزمن لدولة وطنية ديمقراطية !

عن ali tuama

شاهد أيضاً

صبرا وشاتيلا شاهدة على جرائم الاحتلال بقلم : سري القدوة

صبرا وشاتيلا شاهدة على جرائم الاحتلال بقلم : سري القدوة الشعب العربي الفلسطيني والعالم اجمع …